ونصبهما في جواب التمني ورفع الأول ونصب الثاني وجواب لو رأيت أمرا عظيما قال تعالى (بَلْ) للإضراب عن إرادة الإيمان المفهوم من التمني (بَدا) ظهر (لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) يكتمون بقولهم والله ربنا ما كنا مشركين بشهادة جوارحهم فتمنوا ذلك (وَلَوْ رُدُّوا) إلى الدنيا فرضا (لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) من الشرك (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٢٨) في وعدهم بالإيمان (وَقالُوا) أي منكر والبعث (إِنْ) ما (هِيَ) أي الحياة (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (٢٩) (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا) عرضوا (عَلى رَبِّهِمْ) لرأيت أمرا عظيما (قالَ) لهم على لسان الملائكة توبيخا (أَلَيْسَ هذا) البعث والحساب (بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَرَبِّنا) إنه لحق (قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) (٣٠) به في الدنيا (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) بالبعث (حَتَّى) غاية للتكذيب (إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ) القيامة (بَغْتَةً) فجأة (قالُوا يا حَسْرَتَنا) هي شدة التألم ونداؤها مجاز أي
____________________________________
ونحن لا نكذب ، وكذا قوله (وَنَكُونَ). قوله : (وبنصبهما في جواب التمني) أي بأن مضمرة بعد واو المعية ، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر معطوف على مصدر مصيد من الكلام السابق ، وتقدير الكلام فقالوا نتمنى على الله ردنا مع عدم تكذيب منا وحصول إيمان. قوله : (ورفع الأول) أي على الاستئناف. وقوله : (ونصب الثاني) أي بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية في جواب التمني ، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر معطوف على مصدر مصيد من الكلام السابق ، تقديره نتمنى على الله مع كوننا من المؤمنين ، وجملة ولا نكذب معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه ، فهذه قراءات ثلاث وكلها سبعية ، وقرىء شذوذا بنصب الأول ورفع الثاني وتوجيهه كما علمت. قوله : (للإضراب) أي الإبطالي ، والمعنى ليس الأمر كما قالوا من أنهم لو ردوا لآمنوا ، بل إنما حملهم على ذلك فضيحتهم بشهادة أعضائهم. قوله : (ما كانُوا يُخْفُونَ) أي وهو الشرك. قوله : (بقولهم) الباء سببية. قوله : (بشهادة جوارحهم) متعلق ببدا. قوله : (فتمنوا ذلك) أي فرارا من العذاب لا محبة في الإيمان.
قوله : (لَعادُوا) جواب لو. قوله : (في وعدهم بالإيمان) أي الذي وقع منهم بالتمني. قوله : (وَقالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) يحتمل أنه معطوف على لعادوا ، فهو من جملة جواب له ، ويحتمل أنه كلام مستأنف في خصوص منكري البعث وهذا هو المتبادر من المفسر ، وإن نافية بمعنى ما ، وهي مبتدأ ، وحياتنا خبره والمعنى أنهم قالوا ليس لنا حياة غير هذه الحياة التي نحن فيها ، وما نحن بمبعوثين بعد الموت. قوله : (عَلى رَبِّهِمْ) أي على حسابه وسؤاله ، فالكلام على حذف مضاف.
قوله : (قالَ) (لهم) أي لمنكري البعث الذين قالوا (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا). قوله : (على لسان الملائكة) دفع بذلك ما يقال إن الله لا ينظر اليهم ولا يكلمهم. قوله : (قالُوا بَلى وَرَبِّنا) جواب مؤكد باليمين. قوله : (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي بسبب الذي كنتم تكفرون به أو بسبب كفركم. قوله : (غاية للتكذيب) أي لا للخسران فإنه لا غاية له. قوله : (السَّاعَةُ) المراد بها مقدمات الموت ، فالمراد أن حزنهم الدائم يحصل لهم عند خروج أرواحهم. قوله : (بَغْتَةً) حال من فاعل جاءتهم ، والتقدير جاءتهم مباغتة ، أو من مفعوله ، والتقدير جاءتهم حال كونهم مبغوتين. قوله : (يا حَسْرَتَنا) يا حرف نداء ،