يأمر به ويحكم (بِإِذْنِ اللهِ) بأمره لا ليعصى ويخالف (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بتحاكمهم إلى الطاغوت (جاؤُكَ) تائبين (فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) فيه التفات عن الخطاب تفخيما لشأنه (لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً) عليهم (رَحِيماً) (٦٤) بهم (فَلا وَرَبِّكَ) لا زائدة (لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ) اختلط (بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً) ضيقا أو شكا (مِمَّا قَضَيْتَ) به (وَيُسَلِّمُوا) ينقادوا لحكمك (تَسْلِيماً) (٦٥) من غير معارضة (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ) مفسرة (اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ) كما كتبنا على بني إسرائيل (ما فَعَلُوهُ) أي المكتوب عليهم (إِلَّا قَلِيلٌ) بالرفع على البدل والنصب على الاستثناء (مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) من طاعة الرسول (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (٦٦) تحقيقا لإيمانهم (وَإِذاً) أي لو
____________________________________
عن ذلك رجوعهم عما هم عليه. قوله : (بأمره) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد بالإذن الإرادة ، وإلا فيلزم عليه أن لا يتخلف عن طاعة أحد ، لأن ما أراده الله وقوعه واقع ، ولا بد مع أن الواقع خلافه ، فدفع ذلك المفسر بقوله : (بأمره) لأنه لا يلزم من الإرادة الأمر ولا عكس. قوله : (بتحاكمهم) الباء سببية.
قوله : (فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ) أي بالتوبة والإخلاص. قوله : (وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ) أي سامحهم وعفا عنهم وطلب لهم المغفرة ، لأنه تعلق بهم حقان : حق الله وحق لرسوله. قوله : (فيه التفات) أي وحقه واستغفرت لهم. قوله : (لا زائدة) أي لتأكيد القسم ، وهو اختيار الزمخشري في الكشاف وهو الأحسن ، ولذا اقتصر عليه المفسر. قوله : (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) الخ ، هذه شروط ثلاثة لكمال الإيمان ، وهذه الآية بمعنى قوله تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ) الآيات. قوله : (اختلط) أي أشكل والتبس. قوله : (من غير معارضة) أي بأن ينقادوا للأحكام من غير توقف.
قوله : (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ) بيان لسوء حالهم ، وأنهم لو شدد عليهم كما شدد على من قبلهم لم يفعل ذلك إلا ما قل منهم. قوله : (مفسرة) أي بمعنى أي ، وضابطها أن يتقدمها جملة فيها معنى القول دون حروفه نظير : (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وانطلق الملأ منهم أن امشوا ، ويحتمل أن تكون مصدرية ، وعليه فيكون (كَتَبْنا) بمعنى ألزمنا ، التقدير ولو أنا الزمناهم قتل أنفسهم. قوله : (أَنِ اقْتُلُوا) جمهور القراء على ضم النون والواو من أو اخرجوا ، وقرأ حمزة وعاصم بكسرهما ، وقرأ أبو عمرو بكسر النون وضم الواو ، وأما ضم النون وكسر الواو فلم يقرأ به أحد. قوله : (على البدل) أي وهو المختار عند النحاة ، قال ابن مالك : وبعد نفي أو كنفي انتخب. اتباع ما اتصل. وقوله : (والنصب على الاستثناء) أي فهما قراءتان سبعيتان على حد سواء وإن كان الرفع أرجح عند النحاة من النصب ، فالمنزه عنه القرآن كونه ليس على قواعد النحاة ، وأما كون بعض القراءات له وجه قوي في العربية دون بعض فلا مانع منه.
قوله : (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) اسم التفضيل ليس على بابه إذ ما هم عليه ليس بخير. قوله : (أي لو