تتعرضوا إليهم بأخذ ولا قتل وهذا وما بعده منسوخ بآية السيف (وَلَوْ شاءَ اللهُ) تسليطهم عليكم (لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) بأن يقوي قلوبهم (فَلَقاتَلُوكُمْ) ولكنه لم يشأه فألقى في قلوبهم الرعب (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ) الصلح أي انقادوا (فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً) (٩٠) طريقا بالأخذ والقتل (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ) بإظهار الإيمان عندكم (وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ) بالكفر إذا رجعوا إليهم وهم أسد وغطفان (كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ) عدا إلى الشرك (أُرْكِسُوا فِيها) وقعوا أشد وقوع (فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ) بترك قتالكم (وَ) لم (يُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَ) لم (يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ) عنكم (فَخُذُوهُمْ) بالأسر (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) (٩١) برهانا بينا ظاهرا على قتلهم وسبيهم لغدرهم (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً) أي ما ينبغي أن يصدر منه قتل له (إِلَّا خَطَأً) مخطئا في قتله من غير قصد (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) بأن قصد رمي غيره كصيد أو شجرة فأصابه أو ضربه بما لا يقتل غالبا
____________________________________
(أَوْ جاؤُكُمْ) وقوله : (وما بعده) أي وهو قوله : (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) الخ. قوله : (منسوخ بآية السيف) أي التي نزلت في براءة وهي قوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) الآيات فصار بعد نزول آية السيف لا يقبل منهم عهد أبدا ، إلى أن انتشر الإسلام ، فخصصت آية السيف بالجزية والعهود. قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ) الخ ، هذا تسلية للمؤمنين وتذكير لنعم الله عليهم. قوله : (لَسَلَّطَهُمْ) هذا تمهيد لجواب (لَوْ) وجوابها. قوله : (فَلَقاتَلُوكُمْ) قوله : (ولكنه لم يشأه الخ) أشار بهذا الاستدراك إلى تتميم القياس ، لأنه ذكر المقدم بقوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ) والتالي بقوله : (لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ) فذكر المفسر نقيض المقدم بقوله لكن ، والنتيجة بقوله : (فألقى في قلوبهم الرعب).
قوله : (فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ) أي بوجه من الوجوه المتقدمة ، وهي التجاؤهم إلى من بيننا وبينه عهد ، وهي التجاؤهم ، أو تركهم القتال معنا ومع قومهم. قوله : (أي انقادوا) للصلح والأمان ورضوا به. قوله : (آخَرِينَ) أي قوما آخرين من المنافقين ، وسيأتي أنهم أسد وغطفان ، كانوا حول المدينة فأسلموا ظاهرا ليأمنوا من القتل والأسر ، وكانوا إذا خلوا بالكفار يقولون آمنا بالقرد والعقرب والخنفساء ، وإذا لقوا النبي وأصحابه يقولون إنا على دينكم ليأمنوا من الفريقين. قوله : (وقعوا أشد وقوع) أي رجعوا إلى الشرك أعظم رجوع. قوله : (لغدرهم) أي خيانتهم.
قوله : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ) أي لا يسوغ ولا يصلح لمتصف بالإيمان أن يقتل أخاه في الإيمان ، والمعنى يبعد كل البعد ، لأن شأن الإيمان الرأفة والرحمة بالإخوان ، قال تعالى مدحا في أصحاب رسول الله (أشداء على الكفار رحماء بينهم). قوله : (إِلَّا خَطَأً) الاستثناء منقطع لأن ما قبله محمول على العمد ، والمعنى لكن قد يقع خطأ ، ويصح أن يقع متصلا ، والمعنى لا ينبغي أن يقع القتل من المؤمن للمؤمن في حال من الأحوال إلا في حالة الخطأ. قوله : (مخطئا) أشار بذلك إلى أن خطأ حال ، إلا أنه مؤول باسم الفاعل. قوله : (من غير قصد) أي للضرب من أصله ، أو ضرب من يجوز له ضربه فصادف غيره.
قوله : (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً) الخ ، حاصل ما ذكره في الخطأ ثلاثة أقسام : لأن المقتول إما مؤمن