أَوْلِياءَ) أعوانا وقرناء (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٧) (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) كالشرك وطوافهم بالبيت عراة قائلين لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها فنهوا عنها (قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا) فاقتدينا بهم (وَاللهُ أَمَرَنا بِها) أيضا (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٢٨) أنه قاله استفهام إنكار (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) العدل (وَأَقِيمُوا) معطوف على معنى بالقسط أي قال أقسطوا وأقيموا أو قبله فاقبلوا مقدرا (وُجُوهَكُمْ) لله (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي أخلصوا له سجودكم (وَادْعُوهُ) اعبدوه (مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) من الشرك (كَما بَدَأَكُمْ) خلقكم ولم تكونوا شيئا (تَعُودُونَ) (٢٩) أي يعيدكم أحياء يوم القيامة (فَرِيقاً) منكم (هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي غيره (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) (٣٠) (يا
____________________________________
مجاهد : قال إبليس جعل لنا أربع نرى ولا نرى ، ونخرج من تحت الثرى ، ويعود شيخنا شابا. وقال مالك ابن دينار : إن عدوا يراك ولا تراه لشديد المجاهدة ، إلا من عصمه الله.
قوله : (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ) أي صيرناهم أعوانا لغير المؤمنين ومكناهم من إغوائهم. فتحرزوا منهم. قوله : (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً) هذه الآية نزلت في كفار مكة ، كانوا يطوفون عراة رجالهم بالنهار ، ونساؤهم بالليل ، فكان أحدهم إذا قدم حاجا أو معتمرا يقول : لا ينبغي أن أطوف في ثوب قد عصيت فيه ربي ، فيقول من يعيرني إزارا. فإن وجد وإلا طاف عريانا ، وإذا فرض وطاف في ثياب نفسه ، ألقاها إذا قضى طوافه وحرمها على نفسه. قوله : (قالُوا وَجَدْنا) الخ أي محتجين بهذين الأمرين : تقليد الآباء ، والافتراء على الله. قوله : (قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) أي رد لمقالتهم الثانية ، وترك الأولى لوضوح فسادها.
قوله : (أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) أي لأنكم لم تسمعوه مشافهة ، ولم تأخذوه عن الأنبياء الذين هم وسائط بين الله وخلقه. قوله : (استفهام إنكاري) أي توبيخ وفيه معنى النهي. قوله : (معطوف على معنى بالقسط) دفع بذلك ما يقال إن قوله : (أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ) خبر. وقوله : (وَأَقِيمُوا) إنشاء ولا يصح عطف الانشاء على الخبر. فأجاب بجوابين : الأول أن أقيموا معطوف على المعنى ، والتقدير قال أقسطوا وأقيموا. الثاني أن الكلام فيه حذف ، والتقدير قل أمر ربي بالقسط فاقبلوا وأقيموا. قوله : (أي أخلصوا له سجودكم) أي صلاتكم ، ففيه تسمية الكل باسم أشرف أجزائه ، لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.
قوله : (وَادْعُوهُ) عطف عام. قوله : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) كلام مستأنف مسوق للرد على منكري البعث أي يعيدكم أحياء بالأرواح والأجساد بعينها. قوله : (فَرِيقاً هَدى) فريقا معمول لهدى ، وفريقا الثاني معمول لمقدر من قبيل الاشتغال موافق في المعنى ، والتقدير وأضل فريقا حق عليهم الضلالة ، أي ثبت في الأزل ضلالهم. قوله : (إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا) علة لقوله : (حَقَّ عَلَيْهِمُ) قوله : (وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) أي يظنون أنهم على هدى ، والحال أنه ليسوا كذلك.