أن يكون (فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) أي ذبح على اسم غيره (فَمَنِ اضْطُرَّ) إلى شيء مما ذكر فأكله (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ) له ما أكل (رَحِيمٌ) (١٤٥) به ويلحق بما ذكر بالسنة كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) أي اليهود (حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) وهو ما لم تفرق أصابعه كالإبل والنعام (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما) الثروب وشحم الكلى (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) أي ما علق بها منه (أَوِ) حملته (الْحَوايا) الامعاء جمع
____________________________________
والطحال) أي فإنهما طاهران ، لما في الحديث «أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال». قوله : (فَإِنَّهُ) أي لحم الخنزير ، وخص اللحم بالذكر ، وإن كان باقيه كذلك لاعتنائهم به أكثر من باقيه. قوله : (حرام) الأوضح أن يقول نجس ، لأن التحريم علم من الاستثناء.
قوله : (أَوْ فِسْقاً) عطف على ميتة ، وهو على حذف مضاف ، أي ذا فسق ، أو جعل نفس الفسق مبالغة ، على حد زيد عدل. وقوله : (لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) صفة لفسقا. قوله : (أي ذبح على اسم غيره) أي قربانا كما يتقرب إلى الله ، كان ذلك الغير صنما أو غيره. قوله : (فَمَنِ اضْطُرَّ) أي أصابته الضرورة. قوله : (مما ذكر) أي من الميتة وما بعدها. قوله : (غَيْرَ باغٍ) تقدم في سورة البقرة ، أنه فسر لنا الباغي بالخارج على المسلمين ، والعادي بقاطع الطريق ، لأن مع كل مندوحة وهي التوبة ، فإذا تاب كل جاز له الأكل ، وتقدم الخلاف في المضطر ، هل له أن يشبع ويتزود ، وهو مشهور مذهب مالك ، أو يقتصر على سد الرمق ، وهو مشهور مذهب الشافعي.
قوله : (فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ) تعليل لجواب الشرط المحذوف تقديره فلا إثم عليه. قوله : (ويلحق بما ذكر) كان المناسب قديمه على قوله : فمن اضطر. قوله : (كل ذي ناب) أي كالسبع والضبع والثعلب والهر والذئب ، وقوله : (ومخلب من الطير) كالصقر والنسر والوطواط ، وهذا مذهب الإمام الشافعي ، وأما عند مالك : فجميع الطيور يجوز أكلها ما عدا الوطواط فيكره أكله ، وجميع السباع مكروهة ما عدا الكلب الأنسي والقرد ، ففيهما قولان بالحرمة والكراهة ، وأما الخيل والبغال والحمير الانسية ، فمشهور مذهب مالك أنها محرمة ، ومشهور مذهب الشافعي إباحة الخيل دون البغال والحمير.
قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا) الجار والمجرور متعلق بحرمنا ، وهادوا صلة الذين سموا بذلك ، لأنهم هادوا بمعنى رجعوا عن عبادة العجل. قوله : (كُلَّ ذِي ظُفُرٍ) القراء السبعة على ضم الظاء والفاء ، وقرىء شذوذا بسكون الفاء وبكسر الظاء والفاء وبسكون الفاء ، وبقي في الظفر لغة خامسة لم يقرأ بها : أظفور وجمع الأولى أظفار ، والأخيرة أظافير قياسا ، وأظافر سماعا. قوله : (كالإبل) أدخلت الكاف الأوز والبط. قوله : (وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) متعلق بحزمنا. قوله : (الثروب) جمع ثرب كفلس ، شحم رقيق يغشى الكرش والامعاء ، ولكن المراد بها هنا الشحم الذي على الكرش فقط ، وإلا ناقض ما بعده. قوله : (وشحم الكلى) جمع كلوة أو كلية. قوله : (إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما) ما اسم موصول في محل نصب على الاستثناء أو نكرة موصولة وجملة حملت ظهورهما صلة أو صفة ، والعائد محذوف.
قوله : (أَوِ الْحَوايا) معطوف على ظهورهما ، وسميت بذلك لأنها محتوية على الفضلات لأنها تنحل في الكرش ، ثم إذا صفيت استقرت في الأمعاء ، أو لأنها محتوية بمعنى ملتفة كالحلقة. قوله : (الأمعاء) أي