(كَذَّبْتُمْ) كعيسى (وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) (٨٧) المضارع لحكاية الحال الماضية أي قتلتم كزكريا ويحيى (وَقالُوا) للنبي استهزاء (قُلُوبُنا غُلْفٌ) جمع أغلف أي مغشاة بأغطية فلا تعي ما تقول قال تعالى (بَلْ) للإضراب (لَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم عن رحمته وخذلهم عن القبول (بِكُفْرِهِمْ) وليس عدم قبولهم لخلل في قلوبهم (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) (٨٨) ما زائدة لتأكيد القلة أي إيمانهم قليل جدا (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ) من التوراة هو القرآن (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ) قبل مجيئه (يَسْتَفْتِحُونَ) يستنصرون (عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) يقولون اللهم انصرنا عليهم بالنبي المبعوث آخر الزمان (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا) من الحق وهو بعثة النبي (كَفَرُوا بِهِ) حسدا وخوفا على الرياسة وجواب لما الأولى دل عليه جواب الثانية (فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا) باعوا (بِهِ أَنْفُسَهُمْ) أي حظها من الثواب وما نكرة بمعنى شيئا تمييز لفاعل بئس والمخصوص بالذم (أَنْ يَكْفُرُوا) أي كفرهم (بِما أَنْزَلَ اللهُ) من القرآن (بَغْياً) مفعول له
____________________________________
منهم فيما مضى منزلة وقوعه الآن استعظاما له. قوله : (كزكريا) أي حيث نشروه حين هرب منهم وأوى إلى شجرة أثل فانفتحت له ودخلها. قوله : (ويحيى) أي قتلوه من أجل امرأة فاجرة ، أردا محرمها التزوج بها فمنعه من ذلك.
قوله : (وَقالُوا) أي الموجودون في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم. قوله : (أي مغشاة بأغطية) أي حسية. قوله : (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) المراد بالقلة الإستبعاد أي فايمانهم مستبعد لطرد الله إياهم عن رحمته وسبق شقاوتهم ، ويحتمل أن تبقى القلة على بابها ، أي فمن آمن منهم قليل كعبد الله بن سلام وأضرابه ، ويحتمل أن القلة باعتبار الزمن أي أن الزمن الذي يؤمنون فيه قليل جدا ، قال تعالى : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ)
قوله : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ) هذه الجملة من تعلقات الجملة التي قبلها ، وكل منهما حكاية عن اليهود الذين كانوا في زمنه صلىاللهعليهوسلم ، وقوله من عند الله صفة أولى لكتاب ، وقوله مصدق صفة ثانية له وجملة وكانوا من قبل حال من الضمير في جاءهم. قوله : (مِنْ قَبْلُ) مبني على الضم لحذف المضاف إليه ونية معناه. قوله : (يستنصرون) السين والتاء للطلب. قوله : (وهو بعثة النبي) في الحقيقة بعثة النبي والكتاب. قوله : (دل عليه جواب الثانية) أي والأصل ولما جاءكم كتاب من عند الله مصدق لما معهم كفروا بذلك الكتاب وكانوا يستفتحون على الذين كفروا ، فلما جاءهم ما عرفوا وهو النبي الكريم كفروا به ، فبين الجملتين تغاير لفظا وإن كان بينهما تلازم معنى. قوله : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا) الخ ، بئس فعل ماض لإنشاء الذم وفاعلها مستتر فيه وجوبا تقديره هو يعود على الشيء ، يفسره قوله ما اشتروا فما تمييز لذلك الفاعل وما بعدها صفة لها ، وإن يكفروا في تأويل مصدر المخصوص بالذّم وهو يعرب مبتدأ والجملة التي قبله خبر عنه أو خبر لمبتدأ محذوف ، قال ابن مالك :
ويعرب المخصوص بعد مبتدأ |
|
أو خبر اسم ليس يبدو أبدا |
قوله : (من القرآن) بيان لما. قوله : (مفعول له ليكفروا) أي مفعول لأجله والعامل فيه يكفروا.