والحج معا أو يدخل الحج عليها قبل الطواف (وَاتَّقُوا اللهَ) فيما يأمركم به وينهاكم عنه (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١٩٦) لمن خالفه (الْحَجُ) وقته (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) شوال وذو العقدة وعشر ليال من ذي الحجة وقيل كله (فَمَنْ فَرَضَ) على نفسه (فِيهِنَّ الْحَجَ) بالاحرام به (فَلا رَفَثَ) جماع فيه (وَلا فُسُوقَ) معاص (وَلا جِدالَ) خصام (فِي الْحَجِ) وفي قراءة بفتح الأولين والمراد في الثلاثة النهي (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ) كصدقة (يَعْلَمْهُ اللهُ) فيجازيكم به ونزل في أهل اليمن
____________________________________
المتوطن يكون بذلك. قوله : (القارن) أي ويطوف لهما طوافا واحدا وسعيا واحدا عند مالك والشافعي ، وقال أبو حنيفة لا بد لهما من طوافين وسعيين. قوله : (فيما يأمركم به إلخ) أي وخصوصا في الحج والعمرة. قوله : (وقته) إنما قدره لأن الحج عمل والأشهر زمن ولا يخبر عن العمل بالزمن.
قوله : (أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) هذه الآية مقيدة لآية قل هي مواقيت للناس والحج ، لأن المتبادر منها أن الأهلة كلها مواقيت الحج ، فأفاد بهذه الآية أن الحج له زمن معلوم يؤدى فيه ، وأما العمرة فوقتها السنة كلها ما لم يكن متلبسا بالحج ، وإلا فلا يعتمر حتى يفرغ منه. قوله : (وعشر ليال من ذي الحجة) أي فالجمع في الآية لما فوق الواحد أو باعتبار جبر الكسر. قوله : (وقيل كله) أي فالجمع على حقيقته وبذلك قال مالك ، والمعنى على ما قال مالك أن له التحلل في ذي الحجة بتمامه ولا يلزمه دم إلا بدخول الحرم ، لا أن المعنى أن يبتدىء الإحرام به بعد فجر النحر ، فإن ذلك لم يقله مالك ولا غيره ممن يعتد به ، فالحاصل أن الحج له ميقاتان مكاني وزماني ، فالمكاني ما أشار له بعضهم بقوله :
عرق العراق يلملم اليمن |
|
وبذي الحليفة يحرم المدني |
والشام جحفة إن مررت بها |
|
ولأهل نجد قرن فاستبن |
والزماني لابتداء الإحرام به شوال وذو القعدة وعشر ليال من ذي الحجة ، وأما لإنتهاء التحليل منه فبقية ذي الحجة. قوله : (فَمَنْ فَرَضَ) (على نفسه) أي ألزم نفسه الدخول في أفعال الحج بأن أحرم به ، وسواء كان فرضا عليه قبل ذلك أو لا. قوله : (فِيهِنَ) أي الشهرين والعشر ليال ، وأما في غير هذه الأشهر فقال مالك ينعقد ويكره وقال غيره لا ينعقد. قوله : (فَلا رَفَثَ) في الآية ثلاث قراءات غير شاذة ، الأولى برفع الجميع مع التنوين ، الثانية برفع الأولين وبناء الثالث على الفتح ، الثالثة بناء الثلاثة على الفتح ، وقرىء شاذا بنصب الثلاثة. قوله : (معاص) أي بأي وجه من أوجه المعاصي والنهي عنها وإن كان عاما إلا أنه في الحج أشد. قوله : (وَلا جِدالَ) هو مقابلة الحجة بالحجة لنصرة الباطل ، وأما لنصرة الحق فلا بأس بذلك. قوله : (فِي الْحَجِ) أظهر في مقام الإضمار اهتماما بشأنه. قوله : (بفتح الأولين) أي مع الثالث. قوله : (والمراد في الثلاثة النهي) أي لا الإخبار وإنما أتى بها على صورة الأخبار ، إشارة إلى أنه لا ينبغي أن ييقع ذلك والتعبير على النهي بصورة الخبر أبلغ في الإنزجار.
قوله : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) إن قلت إن الله كما يعلم الخير من العبد يعلم الشر منه ، أجيب بأن شأن الله ستر الشر عن العبيد فلا يظهره عليهم ، بخلاف الخير فيظهره للخلائق لما في الحديث : «إذا تاب العبد أنسى الله الحفظة ذنوبه وأنسى ذلك جوارحه ومعالمه حتى يأتي يوم القيامة وليس عليه شاهد بذنب» وأيضا الآية مسوقة في أفعال الحج وكلها خير. قوله : (ونزل في أهل اليمن) أي وكانوا