توسيع وتضييق لا اعتراض عليه (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) من القرآن (طُغْياناً وَكُفْراً) لكفرهم به (وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فكل فرقة منهم تخالف الأخرى (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ) أي لحرب النبي صلىاللهعليهوسلم (أَطْفَأَهَا اللهُ) أي كلما أرادوه ردهم (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) أي مفسدين بالمعاصي (وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٦٤) بمعنى أنه يعاقبهم (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا) بمحمد صلىاللهعليهوسلم (وَاتَّقَوْا) الكفر (لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٦٥) (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) بالعمل بما فيهما ومنه الإيمان بالنبي صلىاللهعليهوسلم (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) من الكتب (مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) بأن يوسع عليهم الرزق ويفيض من كل جهة (مِنْهُمْ أُمَّةٌ) جماعة (مُقْتَصِدَةٌ) تعمل به ومنهم من
____________________________________
ثانيا بعد إفرادها أولا؟ أجيب : بأن التثنية لإفادة كثرة الكرم والعطاء كما قال المفسر إن قلت : على تفسيرها بالنعمة فمقتضاه جمعها لأن النعم كثيرة ، قال تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) أجيب : بأن التثنية بحسب الجنس ، لأن النعم جسان مثل : نعمة الدنيا ونعمة الدنيا ، ونعمة الظاهر ونعمة الباطن ، ونعمة الإعطاء ونعمة المنع ، وتحت كل واحد من الجنسين أنواع كثيرة ، وما قلنا عقائد المؤمنين ، وعقيدة اليهود أنها الجارحة لأنهم مجسمة. قوله : (من توسيع وتضييق) أي على مقتضى المصلحة والحكمة الإلهية ، ففي الحديث «إن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر ، فلو أغنيته لفسد حاله ، وإن عبادي من لا يصلح له إلا الغنى ، فلو أفقرته لفسد حاله». قوله : (فكل فرقة منهم) أي اليهود كالجبرية والقدرية والمشبهة والمرجئة ، والنصارى كذلك فرق كالملكانية والنسطورية واليعقوبية والماردانية. إن قلت : إن المسلمين فرق أيضا؟ أجيب : بأن افتراق المسلمين في الفروع لا الأصول ، وكلهم على خير مسلمين لبعضهم ، وأما من خرج عن ذلك فهو ضال مضل.
قوله : (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ) أي بتعاطي أسبابه ومبادئه. قوله : (ردهم) أي قهرهم وجعلهم أذلة خاشعين. قوله : (أي مفسدين) أشار بذلك إلى أنه حال من فاعل يسعون ، ويصح أن يكون مصدرا مؤكدا ليسعون من معناه.
قوله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ) بيان لحالهم في الآخرة ، فهو تردد لهم لعلهم يهتدون ، ومن هنا لا يجوز لعن كافر معين حي ، لأنه يحتمل أنه يهتدي. قوله : (من الكتب) أي ككتاب شعياء ، وكتاب دانيال ، وكتاب أرمياء ، ففي هذه الكتب أيضا ذكر محمد صلىاللهعليهوسلم ، فالمراد بإقامة الكتب الإيمان به صلىاللهعليهوسلم ، وقيل المراد بما أنزل إليهم من ربهم القرآن ، لأنهم مأمورون بالإيمان به ، لأنهم من جملة أمته صلىاللهعليهوسلم ، ولعل هذا هو الأقرب. قوله : (بأن يوسع عليهم الرزق) أي بأن يفيض عليهم بركات السماء والأرض ، ويؤخذ من هذه الآية أن طاعة الله سبب في الرزق ، ومعاصيه سبب في قبضه ، قال تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) وقال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً). وقال عليه الصلاة والسّلام : «إذا رأيت قساوة في قلبك وحرمانا في رزقك ووهنا في بدنك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك». قوله : (مُقْتَصِدَةٌ) أي معتدلة ليست مفرطة ولا مفرطة ، وقوله : (تعمل به)