بيانا لحالهم (وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ) يا محمد (آياتٍ بَيِّناتٍ) أي واضحات حال رد لقول ابن صوريا للنبي ما جئتنا بشيء (وَما يَكْفُرُ بِها إِلَّا الْفاسِقُونَ) (٩٩) كفروا بها (أَوَكُلَّما عاهَدُوا) الله (عَهْداً) على الإيمان بالنبي إن خرج أو النبي أن لا يعاونوا عليه المشركين (نَبَذَهُ) طرحه (فَرِيقٌ مِنْهُمْ) بنقضه جواب كلما وهو محل الإستفهام الإنكاري (بَلْ) للإنتقال (أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠٠) (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ) محمد صلىاللهعليهوسلم (مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ) أي التوراة (وَراءَ ظُهُورِهِمْ) أي لم يعملوا بما فيها من الإيمان بالرسول وغيره (كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (١٠١) ما فيها من أنه نبي حق أو أنها كتاب الله (وَاتَّبَعُوا) عطف على نبذ (ما تَتْلُوا) أي تلت (الشَّياطِينُ عَلى) عهد (مُلْكِ سُلَيْمانَ) من
____________________________________
مقام الضمير وقيل الرابط العموم. قوله : (بيانا لحالهم) أي ولزيادة التقبيح عليهم ، والمراد بعدواتهم لله خروجهم عن طاعته وعدم امتثالهم أمره. قوله : (حال) المناسب أن يقول صفة لأن الحال لا يكون من النكرة إلا إذا وجد لها مسوغ. قوله : (إِلَّا الْفاسِقُونَ) أي الكافرون. قوله : (أ) (كفروا بها) أشار بذلك إلى أن الهمزة داخلة على محذوف والواو عاطفة على ذلك المحذوف وهو أحد احتمالين تقدما.
قوله : (عاهَدُوا) (الله) قدر المفسر لفظ الجلالة إشارة إلى أن عاهدوا بمعنى أعطوا ، فالله مفعول أول وعهدا مفعول ثان. قوله : (على الإيمان بالنبي) أي فالعهد مأخوذ عليهم قديما في كتبهم وعلى أنبيائهم. قوله : (أو النبي) أشار إلى تفسير ثان فقد كانوا يأتون النبي ويقولون له إن كنت نبيا فائت لنا بكذا ، فيقيم عليهم الحجة فيعاهدونه أن لا يعاونوا عليه المشركين ثم ينقضونه. قوله : (بنقضه) الباء سببية. قوله : (أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) دفع بذلك ما يتوهم من قوله فريق أن الفريق يصدق بالقليل والكثير ، فيتوهم أن المراد القليل فدفع ذلك بقوله بل أكثرهم إلخ ، وهو إما من عطف الجمل أو المفردات ، فعلى الأول جملة أكثرهم لا يؤمنون معطوفة على جملة نبذه فريق منهم ، وعلى الثاني أكثرهم معطوف على طريق الإشارة إلى أن النابذ للعهد أكثرهم ، وقوله لا يؤمنون إخبار عنهم بعدم الإيمان لرسوخ الشرك في قلوبهم.
قوله : (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ) هذا من جملة التشنيع على بني إسرائيل. قوله : (لِما مَعَهُمْ) أي التوراة والمعنى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاء بإثبات التوراة وأنها من عند الله ، فكان مقتضى ذلك اتباعه والعمل بشريعته ، ولكن الله طمس على قلوبهم وسمعهم وابصارهم. قوله : (مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) صفة لفريق وأوتوا ينصب مفعولين نائب الفاعل الذي هو الواو مفعول أول والكتاب مفعول ثان ، وقوله : (كِتابَ اللهِ) مفعول لنبذ وهو بمعنى طرح. قوله : (أي لم يعملوا بما فيها) أشار بذلك إلى أن قوله وراء ظهورهم ليس على حقيقته بل هو كناية عن عدم العمل بما في التوراة ، وإلا فهم يعظمونها إلى الآن. قوله : (من أنه نبي حقا) إشارة إلى مفعول يعلمون ، والمعنى أنهم أنكروا صفة رسول الله وبدلوها ولم يذعنوا للأحكام التي في التوراة كأنهم جاهلون بها مع أنهم عالمون بها.
قوله : (عطف على نبذ) استشكل بأن المعطوف على الجواب جواب ، وقوله : (اتَّبَعُوا) لا يصلح أن يكون جوابا لعدم ترتبه على الشرط لأنه سابق على بعثة رسول الله ، فالأحسن عطفه على جملة ولما