(الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) باسمه وصفته (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ) مما حرم في شرعهم (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) من الميتة ونحوها (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ) ثقلهم (وَالْأَغْلالَ) الشدائد (الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) كقتل النفس في التوبة وقطع أثر النجاسة (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ) منهم (وَعَزَّرُوهُ) وقروه (وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) أي القرآن (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٥٧) (قُلْ) خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم (يا أَيُّهَا النّاس إنّى رسول الله إليكم جميعا الّذى له ملك السّماوات والأرض لا إله إلّا هو يحيى ويميت فآمنوا
____________________________________
لموسى : أجعل لك الأرض مسجدا وطهورا تصلون حيث أدركتكم الصلاة ، وأجعلكم تقرؤون التوراة عن ظهر قلب ، يحفظها الرجل والمرأة ، والحر والعبد ، والصغير والكبير ، فقال موسى ذلك لقومه فقالوا : لا نريد أن نصلي إلا في الكنائس ، ولا نستطيع أن نقرأ التوراة عن ظهر قلب ، ولا نقرؤها إلا نظرا ، قال : (فَسَأَكْتُبُها) إلى قوله : (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) فجعل هذه الأمور لهذه الأمة.
قوله : (الْأُمِّيَ) أي الذي لا يقرأ ولا يكتب ، نسب إما للأم لأنه باق على حالته التي ولد عليها ، أو لأم القرى وهي مكة لكونه ولد بها. قوله : (باسمه وصفته) أي من كونه محمدا ولد بمكة ، وهاجر إلى المدينة ، يقبل الهدية ، ويرد الصدقة ، وهكذا من أوصافه وأخلاقه العظيمة ، قال الخميس في تاريخه : إن محمدا مذكور في التوراة باللغة السريانية بلفظ المنحمنا ، بضم الميم وسكون النون وفتح الحاء وكسر الميم الثانية وبعدها نون مشددة بعدها ألف ، ومعناه محمد ، وذكر الحسن عن كعب الأحبار ، أن اسم النبي صلىاللهعليهوسلم عند أهل الجنة عبد الكريم ، وعند أهل النار عبد الجبار ، وعند أهل العرش عبد المجيد ، وعند سائر الملائكة عبد الحميد ، وعند الأنبياء عبد الوهاب ، وعند الشياطين عبد القاهر ، وعند الجن عبد الرحيم ، وفي الجبال عبد الخالق ، وفي البر عبد القادر ، وفي البحر عبد المهيمن ، وعند الهوام عبد الغياث ، وعند الوحوش عبد الرزاق ، وفي التوراة موذموذ ، وفي الإنجيل طاب طاب ، وفي الصحف عاقب ، وفي الزبور فاروق ، وعند الله طه ومحمد صلىاللهعليهوسلم اه بحروفه قوله : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) الخ هذا وما بعده إلى (الْمُفْلِحُونَ) من جملة أوصافه المكتوبة في التوراة والإنجيل. قوله : (مما حرم في شرعهم) أي وهي لحوم الإبل وشحم الغنم والمعز والبقر. قوله : (من الميتة ونحوها) أي كالدم ولحم الخنزير. قوله : (كقتل النفس) أي وتعيين القصاص في القتل ، وتحريم أخذ الدية ، وترك العمل يوم السبت ، وكون صلاتهم لا تجوز إلا في الكنائس ، ونحو ذلك من الأمور الشاقة التي كلفوا بها ، وتسميتها أغلالا ، لأن التحريم يمنع من الفعل ، كما أن الأغلال تمنع منه. قوله : (وقروه) أي عظموه. قوله : (وَنَصَرُوهُ) أي أيدوه. قوله : (الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) أي مقارنا لزمانه ومصحوبا به. قوله : (أي القرآن) تفسير للنور ، سمي القرآن بذلك ، لأنه ظاهر في نفسه مظهر لغيره ، يهدي من الضلال المعنوي ، كما أن النور يهدي من الضلال الحسي. قوله : (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي الموصوفون بهذه الصفات ، فائزون ظافرون بالنجاة من الأهوال ، دنيا وأخرى.
قوله : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ) أتى بهذه الآية دفعا لما يتوهم أن الفوز مخصوص بمن تبعه من أهل الكتابين ، فأفاد هنا أن الفوز ليس قاصرا عليهم ، بل كل من تبعه حصل له الفوز ، كان من أهل الكتابين