(فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) جواب الشرط وجواب الأمر محذوف يدفعه عنك (إِنَّهُ سَمِيعٌ) للقول (عَلِيمٌ) (٢٠٠) بالفعل (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ) أصابهم (طائِفٌ) وفي قراءة طائف أي شيء ألم بهم (مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا) عقاب الله وثوابه (فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ) (٢٠١) المحق من غيره فيرجعون (وَإِخْوانُهُمْ) أي إخوان الشياطين من الكفار (يَمُدُّونَهُمْ) أي الشياطين (فِي الغَيِّ ثُمَ) هم (لا يُقْصِرُونَ) (٢٠٢) يكفون عنه بالتبصر كما تبصر المتقون (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ) أي أهل مكة (بِآيَةٍ) مما اقترحوا (قالُوا لَوْ لا) هلا (اجْتَبَيْتَها) أنشأتها من قبل نفسك (قُلْ) لهم (إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي) وليس لي أن آتي من عند نفسي بشيء (هذا) القرآن (بَصائِرُ) حجج (مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٢٠٣) (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) عن الكلام (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (٢٠٤) نزلت في ترك الكلام في الخطبة وعبر عنها بالقرآن لاشتمالها عليه
____________________________________
للدابة على السير ، والمراد منه الوسوسة ، فشبهت الوسوسة بالنزغ بمعنى الحث على السير ، واستعير اسم المشبه به للمشبه ، واشتق من النزغ ينزغنك بمعنى يوسوس لك ، والخطاب للنبي والمراد غيره ، لأن الشيطان لا تسلط له عليه. قوله : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) أي أطلب الاستعاذة بالله بأن تقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قوله : (جواب الشرط) أي وقرن بالفاء لأنه جملة طلبية. قوله : (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي فيجيبك لما طلبت.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا) أي الذين اتصفوا بامتثال الأوامر واجتناب النواهي. قوله : (أي شيء ألم بهم) تفسير للقراءتين ، أي خاطر قليل من الشيطان ، فإذا وسوس الشيطان لهم بفعل المعاصي ، أو ترك الطاعات ، تذكروا عقاب الله وثوابه ، فرجعوا لما أمر الله به ونهى عنه. قوله : (عقاب الله) أي في متابعة الشيطان ، وقوله : (وثوابه) أي في مخالفته. قوله : (وَإِخْوانُهُمْ) مبتدأ ، وجملة : (يَمُدُّونَهُمْ) خبر. قوله : (أي إخوان الشياطين من الكفار) أي والفساق ، أشار بذلك إلى أن المراد بالإخوان الكفار والفساق ، والضمير عائد على الشياطين.
قوله : (يَمُدُّونَهُمْ) الواو عائدة على الشياطين ، والهاء عائدة على الكفار والفساق ، فقد عاد ضمير الخبر على غير المبتدأ في المعنى. قوله : (ثُمَ) (هم) أي الإخوان. قوله : (لا يُقْصِرُونَ) أي لا يبعدون عن الغي. قوله : (بالتبصر) أي التأمل والتفكر ، والمعنى أن الشياطين يمدون الكفار والفساق في الغي ، حتى لا يكفون عنه ولا يتركونه ، فجعل الله في هذه الآية للمتقين علامة ، ولغيرهم علامة. قوله : (وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ) رجوع لخطاب كفار مكة. قوله : (مما اقترحوا) أي طلبوا. قوله : (لَوْ لا اجْتَبَيْتَها) أشار المفسر إلى أن لو لا تخضيضية حيث قال هلا. قوله : (أنشأتها) أي اخترعتها واختلقها. قوله : (وليس لي أن آتي من عند نفسي بشيء) أي لا يمكنني ذلك.
قوله : (بَصائِرُ) أي سبب فيها ، فسمى السبب وهو القرآن باسم المسبب وهو الحجج. قوله : (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) خصوا بذلك لأنهم المنتفعون به. قوله : (فَاسْتَمِعُوا لَهُ) أي للقرآن. قوله : (نزلت في ترك الكلام في الخطبة) أي وهو واجب عند مالك والشافعي في القديم ، ومذهب الشافعي في الجديد ،