ابن سلام وأصحابه (وَبِكُفْرِهِمْ) ثانيا بعيسى وكرر الباء للفصل بينه وبين ما عطف عليه (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) (١٥٦) حيث رموها بالزنا (وَقَوْلِهِمْ) مفتخرين (إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ) في زعمهم أي بمجموع ذلك عذبناهم قال تعالى تكذيبا لهم في قتله (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) المقتول والمصلوب وهو صاحبهم بعيسى أي ألقى الله عليه شبهه فظنوه إياه (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) أي في عيسى (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) من قتله حيث قال بعضهم لما رأوا المقتول : الوجه وجه عيسى والجسد ليس بجسده فليس به. وقال آخرون بل هو هو (ما لَهُمْ بِهِ) بقتله (مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ) استثناء منقطع أي لكن يتبعون فيه الظن الذي تخيلوه (وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً) (١٥٧) حال مؤكدة لنفي القتل (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً) في ملكه (حَكِيماً) (١٥٨) في صنعه (وَإِنْ) ما (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أحد (إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) بعيسى (قَبْلَ مَوْتِهِ) أي الكتابي حين يعاين ملائكة الموت فلا ينفعه إيمانه أو قبل موت عيسى لما ينزل قرب
____________________________________
فلم يطبع على قلوبهم. قوله : (ثانيا بعيسى) أي وأولا بموسى. قوله : (وكرر الباء) أي في قوله : (وَبِكُفْرِهِمْ). قوله : (للفصل) أي بأجنبي وهو قوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ). قوله : (حيث رموها بالزنا) أي منكرين تعلق قدرة الله تعالى بخلق ولد من غير والد ، ومعتقد ذلك كافرا لأنه يلزم عليه القول بقدم العالم ، لأن كل ولد لا بد له من والد وهكذا.
قوله : (رَسُولَ اللهِ) إن قلت : أنهم لم يعترفوا برسالته! بل كفروا به وقالوا هو ساحر ابن ساحرة. وأجيب : بأنهم قالوا ذلك تهكّما به ، نظير قول فرعون لموسى إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ، وقول مشركي العرب في حق محمد : يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون. وأجيب أيضا : بأنه من كلامه تعالى مدحا له وتنزيها له عن مقالتهم ، فيكون منصوبا بفعل محذوف ، أي أمدح رسول الله. قوله : (في زعمهم) متعلق بقوله : (قَتَلْنَا) والمناسب حذفه لأن تكذيبهم في القتل معلوم من قوله بعد : (وَما قَتَلُوهُ) وفي نسخة في زعمه بالإفراد ، ويكون متعلقا بقوله : (رَسُولَ اللهِ) وهي أولى.
قوله : (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) روي أن رهطا من اليهود سبوه وأمه! فدعا عليهم فمسخهم الله قردة وخنازير ، فاجتمعت اليهود على قتله ، فأخبره الله بذلك ، وكان له صاحب منافق ، فقالوا له : اذهب إلى عيسى وأخرجه لنا ، فلما دخل دار عيسى ألقى شبهه عليه ، ورفع عيسى إلى السماء ، فلما خرج إليهم قتلوه. قوله : (بعيسى) متعلق بشبه ، وقوله : (عليه) أي الصاحب ، وقوله : (شبهه) أي شبه عيسى. قوله : (استثناء منقطع) أي لأن إتباع الظن ليس من جنس العلم. قوله : (مؤكدة لنفي القتل) أي انتفى قتلهم له انتفاء يقينا لا شك فيه ، فيلاحظ القيد بعد وجود النفي ، فهو من باب تيقن العدم لا من عدم التيقن ، ومحصله أنه نفي للقيد الذي هو اليقين ، والمقيد الذي هو القتل ، ويصح أن يكون حالا من فاعل قتلوه أي ما فعلوا القتل في حال تيقنهم له ، بل فعلوه شاكين فيه ، وقيل منصوب بما بعد بل من قوله : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) ورد بأن ما بعد بل لا يعمل فيما قبلها. قوله : (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ) أي إلى محل رضاه وانفراد حكمه وهو السماء الثالثة ، كما في الجامع الصغير ، أو الثانية كما في بعض المعاريج. قوله : (حين يعاين