فيها (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ) في (أَلَّا تَكْتُبُوها) والمراد بها المتجر فيه (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) عليه فإنه أدفع للاختلاف وهذا وما قبله أمر ندب (وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ) صاحب الحق ومن عليه بتحريف أو امتناع من الشهادة أو الكتابة ألا ولا يضرهما صاحب الحق بتكليفهما ما لا يليق في الكتابة والشهادة (وَإِنْ تَفْعَلُوا) ما نهيتم عنه (فَإِنَّهُ فُسُوقٌ) خروج عن الطاعة لاحق (بِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ) في أمره ونهيه (وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) مصالح أموركم حال مقدرة أو مستأنف (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٢٨٢) (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ) أي مسافرين وتداينتم (وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ)
____________________________________
ونشر مشوش ، قوله : (أمر ندب) أي إرشاد لمصالح الدنيا لقطع النزاع ، وهذا تقييد للاستثناء أي إن الاشهاد المذكور يكون في العقارات والأمور التي تبقى ، وأما الاستثناء فمحله الأمور التي لا تبقى ، قوله : (صاحب الحق) قدره إشارة إلى أن يضار اسم فاعل ، وكاتب فاعل ، وأصله يضارر ، فلا ناهية ويضار مجزوم بسكون مقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الأدغام ، قوله : (بتحريف) أي في الكتابة بأن يزيد أو ينقص فيضر البائع أو المشتري ، وقوله : (أو امتناع من الشهادة) أي يتركها حتى يأخذ عليها جعلا مثلا وذلك إضرار من الكاتب ، والشهيد لصاحب الحق ، قوله : (أو لا يضرهما صاحب الحق) أي فيضار مبني للمفعول ، وكاتب وشهيد نائب الفاعل فأصله يضارر ، قوله : (ما لا يليق في الكتابة) أي بأن يأمره بكتابة ما لم يطلع عليه أو يمتنع من إعطاء أجرته له ، وقوله : (والشهادة) أي بأن يستشهد على ما لم يرد ويأخذه على مسافة القصر قهرا من غير دفع شيء له يتمون به. قوله : (ما نهيتم عنه) أي من مضارة الكاتب والشاهد.
قوله : (فَإِنَّهُ فُسُوقٌ) أي يترتب عليه الفسوق آخرا لأن من لم يدر العواقب فليس له في الدنيا صاحب ، قوله : (لاحق) (بِكُمْ) قدره إشارة إلى أن بكم متعلق بمحذوف ، قوله : (أو مستأنفة) الأولى الاقتصار عليه لأن جعله حالا خلاف القاعدة النحوية ، فإن القاعدة أن الجملة المضارعية المثبتة إذا وقعت حالا فإن الضمير يلزمها وتخلو من الواو ، ولا يصح أيضا عطفها على جملة واتقوا الله لأنه يلزم عليه عطف الخبر على الانشاء وفيه خلاف ، وقوله : (وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) أي العلم النافع لأن العلم نور لا يهدى لغير المتقي ، قال الإمام الشافعي :
شكوت إلى وكيع سوء حظي |
|
فأرشدني إلى ترك المعاصي |
وأعلمني بأن العلم نور |
|
ونور الله لا يهدي لعاصي |
وقال الإمام مالك : من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يكن يعلم ، فالتقوى سبب لإعطاء العلم النافع. قوله : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي فيجازي كلا من الفاسق والمتقي على ما صدر منه. قوله : (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ) فيه استعارة تبعية حيث شبه الظرفية المطلقة بالاستعلاء المطلق ، فسرى التشبيه من الكليات للجزئيات فاستعيرت على الموضوعة للاستعلاء الخاص لمعنى في الموضوعة للظرفية الخاصة عكس ولأصلبنكم في جذوع النخل ، والجامع بينهما التمكن في كل ، فكما أن المسافر متمكن من السفر ، كذلك الراكب متمكن من الركوب ومستعل على المركوب ، وقد أشار للاستعارة المفسر بقوله : (أي مسافرين).