(أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ) زائدة (خَيْرٍ) وحي (مِنْ رَبِّكُمْ) حسدا لكم (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ) نبوته (مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (١٠٥) ولما طعن الكفار في النسخ وقالوا إن محمدا يأمر وينهي عنه غدا نزل : (ما) شرطية (نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) أي نزل حكمها إما مع لفظها أو لا وفي قراءة بضم النون من أنسخ أي نأمرك أو جبريل بنسخها (أَوْ نُنْسِها) نؤخرها فلا نزل حكمها ونرفع تلاوتها أو نؤخرها في اللوح المحفوظ وفي قراءة بلا همز من النسيان أي ننسكها أي نمحها من قلبك وجواب الشرط (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) أنفع للعباد في السهولة أو كثرة الأجر
____________________________________
أَهْلِ الْكِتابِ) إلخ بيان للذين كفروا. قوله : (وَلَا الْمُشْرِكِينَ) معطوف على أهل الكتاب ولا زائدة لتوكيد النفي. قوله : (أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ) في تأويل مصدر مفعول يود ومن زائدة وخير نائب فاعل ينزل ، والتقدير ما يحب الذين كفروا وهم أهل الكتاب والمشركون إنزال خير من ربكم عليكم. قوله : (حسدا لكم) تعليل للنفي وحسد اليهود بسبب زعمهم أن النبوة لا تليق إلا بهم لكونهم أبناء الأنبياء ، وحسد مشركي العرب بسبب ما عندهم من الرياسة والفخر فقالوا لا تليق النوبة إلا بنا. قوله : (وَاللهُ يَخْتَصُ) يتسعمل متعديا ولازما فعلى الأولى فاعله ضمير مستتر فيه الموصول بصلته في محل نصب على المفعولية والمعنى والله يخص إلخ ، وعلى الثاني الفاعل هو الموصول بصلته والمعنى والله يميز برحمته من يشاؤه.
قوله : (الْعَظِيمِ) أي الواسع. قوله : (ولما طعن الكفار إلخ) أشار بذلك إلى سبب نزول الآية ، والمقصود من ذلك بيان حكمة النسخ والرد على الكفار حيث قالوا إن القرآن افتراء من محمد فلو كان من عند الله لما بدل فيه وغير. ورد عليهم أيضا بقوله تعالى : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) الآية وقوله تعالى : (قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي) قوله : (شرطية) أي وهي نكرة بمعنى شيء معمولة لننسخ وقوله من آية بيان لما. قوله : (نَنْسَخْ) من النسخ وهو لغة الإزالة والنقل ، يقال نسخت الشمس الظل أزالته ، ونسخت الكتاب نقلت ما فيه ، واصطلاحا بيان انتهاء حكم التعبد إما باللفظ أو الحكم أو بهما ، فنسخ اللفظ والحكم كعشر رضعات معلومات يحرمن. ونسخ اللفظ دون الحكم : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. ونسخ الحكم دون اللفظ كقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ) الآية نسخت بآية المواريث وبقوله صلىاللهعليهوسلم لا وصية لوارث ، وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) الآية ، فنسخت بقوله تعالى : (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) إلى غير ذلك. قوله : (إما مع لفظها) أي كعشر رضعات إلخ. قوله : (أو لا) أي بأن نزيل حكمها فقط ، قوله : (أو جبريل) في الحقيقة بينهما تلازم. قوله : (فلا نزل حكمها) أي لا ننسخه بل نبقيه وقوله : (ونرفع تلاوتها) أي ننسخه ، فعلى هذا التفسير دخل تحت قوله ما ننسخ من آية حكمان من أحكام النسخ ، وهما نسخ الحكم واللفظ أو الحكم فقط وتحت قوله أو ننسأها الحكم الثالث وهو نسخ اللفظ دون الحكم. قوله : (أو نؤخرها في اللوح المحفوظ) أي لا نطلعكم عليها ولا نعلمكم بها ، وعلى هذا التفسير فقد دخل تحت قوله ما ننسخ الأحكام الثلاثة. قوله : (في قراءة بلا همز) المناسب أن يقول وفي قراءة بضم النون من غير همز. قوله : (من النسيان) الأولى أن يقول من الإنساء لأنه مصدر الرباعي. قوله : (أي نمحها من قلبك) أي وقلب أمتك بأن يبقى الحكم دون اللفظ أو يمحيان. قوله : (في السهولة) أي كقوله تعالى : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) الآية. قوله : (أو كثرة الأجر) أي