لإعلاء دينه (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣٥) تفوزون (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ) ثبت (أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣٦) (يُرِيدُونَ) يتمنون (أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) (٣٧) دائم (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) أل فيهما موصولة مبتدأ ولشبهه بالشرط دخلت الفاء في خبره وهو (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) أي يمين كل منهما من الكوع وبينت السنة أن الذي يقطع فيه ربع دينار فصاعدا وأنه إذا عاد قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم ثم اليد اليسرى ثم الرجل اليمنى وبعد ذلك يعزر
____________________________________
وهو قسمان : أصغر وهو قتال المشركين ، وأكبر وهو الخروج عن الهوى والنفس والشيطان ، وكان قتال المشركين جهادا أصغر لأنه يحضر تارة ويغيب أخرى ، وإذا قتلك الكافر كنت شهيدا ، وإن قتلته صرت سعيدا ، بخلاف النفس فلا تغيب عنك وإذا قتلتك صرت من الأشقياء ، نسأل الله السلامة. قوله : (تفوزون) أي تظفرون بسعادة الدارين.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) هذا كالدليل لما قبله ، كأن الله يقول الزموا التقوى ليحصل لكم الفوز ، لأن من لم تكن عنده التقوى كالكفار ، لا ينفعه الفداء من العذاب الخ. قوله : (لَوْ أَنَّ لَهُمْ) لو شرطية ، وفعل الشرط محذوف قدره المفسر بقوله : (ثبت) (إِنَ) وما دخلت عليه فاعل ثبت ، و (لَهُمْ) خبر أن مقدم ، و (ما فِي الْأَرْضِ) اسمها مؤخر ، و (جَمِيعاً) توكيد له أو حال منه ، و (مِثْلَهُ) معطوف على اسم (إِنَ) وقوله : (لِيَفْتَدُوا) علة له ، وقوله : (بِهِ) أي بما ذكر وهو (ما فِي الْأَرْضِ) ومثله أو حذفه من الأول لدلالة الثاني عليه على حد : فإني وقيار بها لغريب ، والتقدير لو أن لهم ما في الأرض جميعا ليفتدوا به ، ومثله معه ليفتدوا به ، وقوله : (ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ) جواب الشرط ، و (لَوْ) مع مدخولها في محل رفع خبر أن الأولى. والمعنى لو ثبت أن للكفار ما في الأرض جميعا ، ومثله معه ، ويريدون الافتداء بذلك من العذاب ما نفعهم ذلك ، وهو كناية عن عدم قبولهم ، وعدم نفع عز الدنيا لهم. قوله : (يتمنون) أي حيث يقولون يا مالك ليقض علينا ربك. قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ) دفع بذلك ما يتوهم من قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أنه ربما ينقطع.
قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) جمهور القراء على الرفع على الابتداء ، ولا يصح النصب على الاشتغال ، لأن ما بعد فاء الجزاء لا يعمل فيما قبلها ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا ، وهذه الفاء تشبه فاء الجزاء ، وصرح بالسارقة لكون السرقة معهودة منهن أيضا ، وقدم سبحانه وتعالى السارق على السارقة هنا ، وقدم الزانية على الزاني في سورة النور ، لأن الرجال في السرقة أقوى من النساء ، والزنا من النساء أقوى من الرجال. قوله : (أل فيهما موصولة) أي وصلتها الصفة الصريحة ، أي الذي سرق والتي سرقت. قوله : (مبتدأ) أي وهو مرفوع بضمة ظاهرة ، لأن إعرابهما ظهر فيما بعدهما. قوله : (دخلت الفاء في خبره وهو) (فَاقْطَعُوا) أي فجملة (فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) خبر المبتدأ ، ولا يضر كونه جملة طلبية على المعتمد ، وقيل الخبر محذوف وتقديره مما يتلى عليكم حكمهما ، وما بعد الفاء تفصيل له. قوله : (ربع دينار) أي أو ثلاثة دراهم شرعية ، أو مقوم بهما ، ويشترط في القطع إخراجه من حرز مثله ، غير مأذون له في دخوله ، ويثبت القطع ببينة أو بإقراره طائعا ، فإن أقر ثم رجع لزمه المال دون القطع ، فإن سرق ولم تثبت عليه