فلم نقتل لكن أخرجنا كرها (قُلْ) لهم (لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) وفيكم من كتب الله عليه القتل (لَبَرَزَ) خرج (الَّذِينَ كُتِبَ) قضي (عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ) منكم (إِلى مَضاجِعِهِمْ) مصارعهم فيقتلوا ولم ينجهم قعودهم لأن قضاءه تعالى كائن لا محالة (وَ) فعل ما فعل بأحد (لِيَبْتَلِيَ) يختبر (اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ) قلوبكم من الاخلاص والنفاق (وَلِيُمَحِّصَ) يميز (ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (١٥٤) بما في القلوب لا يخفى عليه شيء وإنما يبتلي ليظهر للناس (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ) عن القتال (يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) جمع المسلمين وجمع الكفار بأحد وهم المسلمون إلا اثنا عشر رجلا (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ) أزلهم (الشَّيْطانُ) بوسوسته (بِبَعْضِ ما كَسَبُوا) من الذنوب وهو مخالفة أمر النبي (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) للمؤمنين (حَلِيمٌ) (١٥٥) لا يعجل على العصاة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) أي المنافقين (وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ) أي في
____________________________________
قوله : (لكن أخرجنا كرها) أي فحصل القتل فينا. قوله : (قُلْ) (لهم) أي ردا لمقالتهم واعتقادهم دفع قضاء الله المبرم.
قوله : (لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ) أي لو لم تخرجوا إلى أحد ومكثتم في بيوتكم وقوله : (لَبَرَزَ) جواب قوله : (لَوْ) والمعنى لخرج من قضي عليه بالموت إلى المحل الذي مات به لسبب من الأسباب ونفذ حكم الله فيه ، مما اتفق أن سليمان بن داود عليهماالسلام كان جالسا ، وإذا بملك الموت أقبل عليه ونظر إلى رجل في مجلسه ، فارتعدت فرائص الرجل ، فلما ذهب ملك الموت قال الرجل : يا نبي الله إني خفت من نظرة هذا الرجل ، فقال : هو ملك الموت ، قال الرجل : مر الرياح لتذهب بي إلى اقصى البلاد ففعل ، فبعد لحظة وإذا بملك الموت قد أقبل على سليمان فقال له : إن الله أمرني أن أقبض روح ذلك الرجل بتلك الأرض ، فلما وجدته في مجلسك تحيرت ، فكان منه ما كان ، فهو قد خرج هاربا وفي الواقع خرج لمصرعه. قوله : (وَ) (فعل ما فعل) أشار بذلك إلى أن قوله : (لِيَبْتَلِيَ) علة لمحذوف والواو عاطفة لذلك المحذوف على أنزل.
قوله : (وَلِيُمَحِّصَ) عطف على (لِيَبْتَلِيَ) من عطف المسبب على السبب. قوله : (ليظهر للناس) أي المؤمن الخالص من غيره. قوله : (إلا اثنا عشر) منهم أبو بكر وعلى وطلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ، وتقدم في رواية أن من بقي ثمانية عشر ، وقيل لم يبق إلا طلحة ، وتقدم الجمع بين هذه الروايات. قوله : (وهو مخالفة أمر النبي) أي حيث قسمهم خمسة أقسام وأقام كلا في مركز وقال لهم لا تبرحوا عن مكانكم غلبنا أو نصرنا ، فبعضهم تفرق للغنيمة ، والبعض فرقه الأعداء.
قوله : (وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) أي عن الجماعة الذين تفرقوا للغنيمة وعصوا أمر النبي. قوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) هذه الجملة تأكيد وعلة لما قبلها ، أي إنما عفا عنهم لأنه كثير المغفرة للذنوب واسع الحلم ، فلا يعجل بالعقوبة على العاصي لأن الكل في قبضته ، ولا يعجل بالعقوبة إلا من يخاف الفوات. قوله : (لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا) يعني لا تشبهوهم في قولهم في شأن من مات أو قتل ، لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا فيه يعتقدون أن الفرار نافع مع قضاء الله. قوله : (لِإِخْوانِهِمْ) أي في النسب أو الكفر أو الضلال ، والمعنى لا تكونوا مثلهم في كفرهم ولا في قولهم لإخوانهم إلخ. قوله :