بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك رواه الحاكم وغيره (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥) فيجازيكم به (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) أي أسبابه (حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) خبر بمعنى الأمر أي ليشهد وإضافة شهادة لبين على الإتساع وحين بدل من إذا أو ظرف لحضر (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) أي غير ملتكم (إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ) سافرتم
____________________________________
رأوا منكرا فلم يغيروه عمهم الله بعقاب ، فامروا بالمعروف وأنهوا عن المنكر ، ولا تغتروا بقول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ) فيقول أحدكم علي نفسي ، والله لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليستعملن الله عليكم شراركم فيسومونكم سوء العذاب ، ثم ليدعون خياركم فلا يستجاب لهم» وعنه صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من قوم عمل فيهم منكر وسن فيهم قبيح فلم يغيروه ولم ينكروه إلا وحق الله أن يعمهم بالعقوبة جميعا ثم لا يستجاب لهم». وقال الصديق أيضا إن هذه الآية تعدونها رخصة ، والله ما أنزل آية أشد منها. قوله : (سألت عنها) أي عن هذه الآية ، وقوله : (فقال) أي في بيان معناها. قوله : (شحا مطاعا) الشح نهاية البخل ، وقوله مطاعا أي يطيعه صاحبه. قوله : (وهوى) بالقصر ما تميل إليه النفس من القبائح. قوله : (متبعا) أي يتبعه صاحبه. قوله : (ودنيا مؤثرة) بهمزة ودونها ، أي يقدمها صاحبها على الآخرة. قوله : (وإعجاب كل ذي رأي برأيه) أي فلا يعجبه رأي غيره ، ولا يقبل نصيحته ، زاد الخائن في تلك الرواية بعد قوله فعليك بنفسك : ردع العوام فإن من ورائكم أيام الصبر ، فمن صبر فيهن قبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم ا ه. قوله : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) فيه وعد لمن أطاع ووعيد لمن اغتر وعصى.
قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) لما بين سبحانه ما يتعلق بمصالح الدين شرع يبين ما يتعلق بمصالح الدنيا ، إشارة إلى أن الإنسان ينبغي له أن يضبط مصالح دينه ودنياه لأنه مكلف بحفظهما. قوله : (شَهادَةُ) مبتدأ ، وبينكم مضاف إليه ، إذا ظرف بشهادة ، وحضر فعل ماض ، واحكم مفعول مقدم ، والموت فاعل مؤخر ، وحين بدل من الظرف قبله ، وقوله اثنان خبره. إن قلت : إن الذات لا يخبر بها عن المعنى ولا عكسه. أجيب : بأن الكلام على حذف مضاف ، أما في الأول تقديره ذوا شهادة أحدكم اثنان أو في الثاني تقديره شهادة اثنين ، وقوله ذوا عدل صفة لاثنان ، والعدل هو الذكر البالغ غير مرتكب كبيرة ولا صغيرة خسة وغير مصر على صغيرة غيرها. قوله : (خبر بمعنى الأمر) أي فهي جملة خبرية لفظا إنشائية معنى. قوله : (أي ليشهد) بضم الياء من أشهد الرباعي ، وتلك الشهادة يحتمل أن تكون حقيقية ، واشتراط العدالة ظاهرة ، ويحتمل أن المراد بالشهادة الوصية ، المعنى إذا حضر أحدكم الموت فليوص اثنين ، وعلى هذا فاشتراط العدالة من حيث الوصية ، أي كونه عدلا في الوصية ، بأن يحسن التصرف فيما ولي عليه ، وأما كونهما اثنين فشرط كمال ، ولكون سبب النزول كذلك كما سيأتي. قوله : (على الاتساع) أي التسمح والتجوز ، وكان حقها أن تضاف إلى الأموال ، وإنما أضيفت إلى البين لأن الشهادة على الأموال تمنع فساد البين. قوله : (بدل من إذا) أي فكل منهما ظرف لشهادة ، وقوله : (أو ظرف لحضر) أي فقوله إذا ظرف لشهادة ، أي فعلى هذا تغاير متعلق الظرفين.
قوله : (أَوْ آخَرانِ) معطوف على اثنان ، أي فإن لم يجد العدلين لكون رفقته في السفر كفارا كما هو