نزل (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) وقالوا لو كان غنيا ما استقرضنا (سَنَكْتُبُ) نأمر بكتب (ما قالُوا) في صحائف أعمالهم ليجازوا عليه وفي قراءة بالياء مبنيا للمفعول (وَ) نكتب (قَتْلَهُمُ) بالنصب والرفع (الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ) بالنون والياء أي الله لهم في الآخرة على لسان الملائكة (ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (١٨١) النار ويقال لهم إذا ألقوا فيها (ذلِكَ) العذاب (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) عبر بها عن الإنسان لأن أكثر الأفعال تزاول بها (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ) أي بذي ظلم (لِلْعَبِيدِ) (١٨٢) فيعذبهم بغير ذنب (الَّذِينَ) نعت للذين قبله (قالُوا) لمحمد (إِنَّ اللهَ) قد (عَهِدَ إِلَيْنا) في التوراة (أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ) نصدقه (حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ) فلا نؤمن لك حتى تأتينا به وهو ما يتقرب به إلى الله من نعم وغيرها فإن قبل جاءت نار بيضاء من السماء فأحرقته وإلا بقى مكانه وعهد إلى بني إسرائيل ذلك إلا في المسيح ومحمد قال تعالى (قُلْ) لهم توبيخا (قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات (وَبِالَّذِي قُلْتُمْ) كزكريا ويحيى
____________________________________
له علمه وإحصاءه والمجازاة عليه. قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) هذا من تلطف الله بعباده وتنزله لهم ، وإلا فالملك لله وحده ، وإنما سماها قرضا لأن جزاءه عليه كمجازاة المقترض أو أعظم ، فمن إحسانه عليها خلق ونسب إلينا ، وليس معناه أقرضوا الله لينتفع به ، بل معناه أعطوا الفقراء لأجلي ومجازاتكم عليّ. قوله : (وفي قراءة بالياء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى هذه القراءة يكون الموصول وصلته نائب الفاعل ، وعلى الأولى يكون مفعولا ، والفاعل ضمير يعود على الله. قوله : (بالنصب والرفع) لف ونشر مرتب وهو معطوف على محل الموصول ، وصلته محله إما نصب على قراءة النون ، أو رفع على قراءة الياء. قوله : (بِغَيْرِ حَقٍ) أي حتى في اعتقادهم. إن قلت : إن ذلك كان في أجدادهم فلم أوخذوا به؟ أجيب : بأن رضاهم به صيره كأنه واقع منهم ، لأن الرضا بالكفر كفر. قوله : (أي الله) هذا تفسير لقراءة الياء ، ويحتمل أنه راجع لقراءة النون ويكون حل معنى ، وإلا فمقتضى حلها أن يقول أي في نحن. قوله : (عبر بها عن الإنسان إلخ) أي فهو من باب تسمية الكل باسم جزئه ، وقوله : (لأن أكثر الأفعال تزاول بها) علة لارتكاب المجاز. قوله : (وَأَنَّ اللهَ) معطوف على الموصول عطف علة على معلول ، التقدير ذلك العذاب بما قدمت أيديكم ، لأن (اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ). قوله : (أي بذي ظلم) دفع بذلك ما يقال إن المنفى كثرة الظلم ، فيفيد أن أصل الظلم ثابت ، فأجاب بأن هذه الصيغة للنسب لا للمبالغة كتمار. قال ابن مالك :
ومع فاعل وفعال فعل |
|
في نسب أغنى من اليا قبل |
قوله : (نعت للذين قبله) أي وهو (قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) فقد وصفهم بأوصاف زادتهم قبحا وشناعة. قوله : (في التوراة) أي على لسان موسى ، قيل إن تلك المقالة لم تقع أصلا فهي كذب محض ، وقيل إنها موجودة في التوراة إلا في حق المسيح ومحمد ، وأما هما فمعجزاتهما غير ذلك ، فهم قد كذبوا على التوراة على كل حال. قوله : (من نعم) أي إبل وبقر وغنم وغيرهما أي كخيل وبغال وحمير وأمتعة. قوله : (بيضاء) أي لا دخان لها ولها دوي. قوله : (إلا في المسيح ومحمد) هذه طريقة ، والطريقة الأخرى أن هذا العهد باطل وكذب من أصله. قوله : (كزكريا ويحيى) أي فجاؤوا بقربان