الْمُتَطَهِّرِينَ) (٢٢٢) من الأقذار (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ) أي محل زرعكم الولد (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ) أي محله وهو القبل (أَنَّى) كيف (شِئْتُمْ) من قيام وقعود واضطجاع وإقبال وإدبار نزل ردا لقول اليهود : من أتى امرأته في قبلها من جهة دبرها جاء الولد أحول (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) العمل الصالح كالتسمية عن الجماع (وَاتَّقُوا اللهَ) في أمره ونهيه (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) بالبعث فيجازيكم بأعمالكم (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (٢٢٣) الذين اتقوه بالجنة (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ) أي الحلف به (عُرْضَةً) علة مانعة (لِأَيْمانِكُمْ) أي نصبا لها بأن تكثروا الحلف به (أَنْ) لا (تَبَرُّوا
____________________________________
الأقذار) أي الحسية والمعنوية ، وقدم التوابين لئلا يقنطوا وأخر المتطهرين لئلا يعجبوا وان كانوا اعلى منهم.
قوله : (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ) أي كالأرض تحرث ليوضع فيها البذر ، فشبه النساء بالأرض التي تحرث وشبه النطفة بالبذر الذي يوضع في تلك الأرض ، وشبه الولد بالزرع الذي ينبت من الأرض ، والمراد من تلك الآية بيان الآية المتقدمة وهي قوله : (من حيث أمركم الله) فبين أن المراد به موضع الزرع وهو القبل لا غيره. قوله : (وهو القبل) أخذ بعضهم من الآية أنه يحرم وطء النساء في ادبارهن لأنه ليس محل الزرع ، وحكمه النكاح وجود النسل ، وإنما جعلت الشهوة وسيلة لذلك ، وجعلت شهوة النساء أعظم ، لأن مشقة النسل عليهن أعظم من الرجال ، فتتسلى النساء عن المشقة بعظم الشهوة. قوله : (أَنَّى شِئْتُمْ) أنى بمعنى كيف فهي لتعميم الأحوال. قوله : (وأدبار) أي فيجامعها من جهة دبرها لكن في الفرج ، والوارد في السنة عن رسول الله في صفة إتيانه لنسائه أنه كان يجلس بين شعبها الاربع وهي مستلقية على ظهرها ، وقال الحكماء ادامة الجماع وهو مضطجع على جنبه يورث وجع الجنب. قوله : (جاء الولد أحول) أي بياض عينه مكان سوادها. قوله : (كالتسمية عند الجماع) أي بأن يقول : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه إذا فعل ذلك حفظ الولد من الشيطان ، وكتب له بعدد انفاسه وانفاس اولاده حسنات إلى يوم القيامة. قوله : (في أمر) أي بالأتيان في القبل والتسمية وقوله ونهيه عن الأتيان في الدبر ، وإنما طلبت التسمية في ذلك الموضع لأنها ذكر في وقت غفلة فيكتب من الذاكرين الله في الغافلين ، وأهل الله في ذلك لهم تجليات ومشاهدات تجل عن الحصر والكيف ، وإلى ذلك الإشارة بقوله عليه الصلاة والسّلام : «حبب إليّ من دنياكم ثلاث النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة» حيث قدم النساء ، ولا يقال إن الاشتغال بمشاهدة المنعم يحجب عن اللذة ، لأنه يقال إنه مقام جمال وبسط لا جلال وقبض ، فعند ذلك تزداد القوة لما ورد أن رسول اعطي قوة أربعة آلاف رجل من أهل الدنيا في الجماع ، ويقرب ذلك إذا اضافك ملك عظيم وصنع لك طعاما عظيما وجلس معك يباسطك بأنواع المباسطات ، فان شهودك له ومسامرته تزيد لذتك في طعامه وشرابه أكثر من تمتعك بذلك في حال غيبتك عنه ، فسبحان المعطي المانع.
قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) أي ملاقوا جزائه. قوله : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً) سبب نزول هذه الآية أن عبد الله بن رواحة كان بينه وبين ختنه أي نسيبه وهو النعمان بن بشير شيء ، فحلف أنه لا يواصله أبدا فنزلت ، وقيل نزلت في حق الصديق حين حلف على مسطح لما تكلم في الافك أن لا يصله. قوله : (لِأَيْمانِكُمْ) أي افعال بركم ، وسميت أيمانا لتعلق الإيمان بها ، وقوله أن تبروا الخ بدل من