مُؤْمِنِينَ) (١٧٥) حقا (وَلا يَحْزُنْكَ) بضم الياء وكسر الزاي وبفتحها وضم الزاي من حزنه لغة في أحزنه (الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) يقعون فيه سريعا بنصرته وهم أهل مكة أو المنافقون أي لا تهتم لكفرهم (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) بفعلهم وإنما يضرون أنفسهم (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا) نصيبا (فِي الْآخِرَةِ) أي الجنة فلذلك خذلهم (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٧٦) في النار (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) أي أخذوه بدله (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ) بكفرهم (شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٧٧) مؤلم (وَلا يَحْسَبَنَ) بالياء والتاء (الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي) أي إملاءنا (لَهُمْ) بتطويل الأعمار وتأخيرهم (خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) وأن ومعمولاها سدت مسد المفعولين في قراءة التحتانية ومسد الثاني في الأخرى (أَنَّما نُمْلِي) نمهل (لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) بكثرة المعاصي (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٧٨) ذو إهانة في الآخرة (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ) ليترك (الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ) أيها الناس (عَلَيْهِ) من
____________________________________
قوله : (وَلا يَحْزُنْكَ) نزلت تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين. قوله : (بضم الياء إلخ) قراءتان سبعيتان ولغتان مشهورتان ، الأولى من أحزن ، والثانية من حزن. قوله : (يقعون فيه) أشار بذلك إلى أن يسارعون مضمن معنى يقعون فعداه بفي إشارة إلى أنهم تلبسوا بالكفر وليسوا بخارجين عنه. قوله : (بنصرته) أي الكفر بمقاتلة النبي وأصحابه. قوله : (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) علة للنفي وهو على حذف مضاف تقديره لن يضروا أولياء الله شيئا ، وإنما أسند الضرر لنفسه تشريفا لهم ، كأن محاربة المسلمين محاربة له. إن قلت : إن قتلهم للمؤمنين مشاهد وهو ضرر فكيف ينفى؟ أجيب : بأنه ليس بضرر بل هو شهادة فالمؤمنون فائزون على كل حال قتلوا أو قتلوا ، والكافرون خاسرون على كل حال قتلوا أو قتلوا. قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) أي جزاء لمسارعتهم في الكفر ونصرتهم له.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) هذه الجملة مؤكدة لما قبلها. قوله : (أي أخذوه بدله) يعني تركوا الإيمان واختاروا الكفر. قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) إنما وصف العذاب هنا بكونه أليما ، لأن من اشترى سلعة وخسر فيها تألم منها ، ووصفه فيما تقدم بالعظيم ، لأن المسارعة للشيء تقتضي عظمه. قوله : (بالياء والتاء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، فعلى التاء الخطاب للنبي ، وقوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) مفعول أول لتحسبن ، وقوله : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) في محل المفعول الثاني ، وهو تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمعنى لا تظن أن إمهال الكافر بطول عمره وأكله من رزق الله ومقاتلته في أولياء الله خير له ، وإنما إمهاله ليزداد إثما وجرما ، قال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) الآية ، وعلى الياء فقوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) فاعل تحسبن ، وقوله : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ) سد مسد مفعوليها كما قال المفسر ، والمعنى لا يظن الكفار أن إملاءنا وإمهالنا لهم خير لهم بل هو شر لهم ، لأننا إنما نملي لهم ليزدادوا إثما. قوله : (أي إملاءنا) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر اسم إن. قوله : (ومسد الثاني في الأخرى) أي ومفعولها الأول هم الذين كفروا. قوله : (أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ) تعليل لما قبله. قوله : (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) وصفه بالإهانة ، لأن من شأن من طال عمره في الكفر أن تنفذ كلمته ويزداد عزا ، فعومل بضد ما لقي في الدنيا.
قوله : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ) هذا وعد من الله لنبيه بأنه سيميز له المؤمن من المنافق. قوله :