الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ) الداعون الآمرون الناهون (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١٠٤) الفائزون ومن للتبعيض لأن ما ذكر فرض كفاية لا يلزم كل أمة ولا يليق بكل أحد كالجاهل وقيل زائدة أي لتكونوا أمة (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا) عن دينهم (وَاخْتَلَفُوا) فيه (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) وهم اليهود والنصارى (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠٥) (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) أي يوم القيامة
____________________________________
ومنكم حال أو متعلق بتكن قوله : (يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) مفعوله هو وما بعده من يأمرون وينهون محذوف تقديره الناس. قوله : (الإسلام) إنما قصره عليه لأنه رأس الأمور ولأجل قوله بعد (ويأمرون بالمعروف). قوله : (بِالْمَعْرُوفِ) المراد به ما طلبه الشارع ، إما على سبيل الوجوب كالصلوات الخمس وبر الوالدين وصلة الرحم ، أو الندب كالنوافل وصدقات التطوع. وقوله : (عَنِ الْمُنْكَرِ) المراد به ما نهى عنه الشارع ، إما عن سبيل الحرمة كالزنا والقتل والسرقة أو على سبيل الكراهة. قوله : (ومن للتبعيض) أي بناء على أن المخاطب بفرض الكفاية بعض غير معين أو معين في علم الله. قوله : (كالجاهل) أي فلا يأمر ولا ينهى ، لأنه ربما أمر بمنكر أو نهى عن معروف لعدم علمه بذلك. قوله : (وقيل زائدة) أي بناء على أن المخاطب بفرض الكفاية الجميع ويسقط بفعل بعضهم. قوله : (أي لتكونوا أمة) أي دعاة للخير آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر. قوله : (وهم اليهود والنصارى) أي فافترقت اليهود إحدى وسبعين فرقة واحدة ناجية والباقون في النار ، والنصارى اثنتين وسبعين فرقة والباقون في النار ، وأخبر النبي صلىاللهعليهوسلم أن هذه الأمة ستفترق ثلاثا وسبعين فرقة واحدة ناجية والباقون في النار ، وهذا التفرق من بعد الصحابة ، فالناجي من كان على قدم النبي وأصحابه ، ويختلف في كل زمن بالقلة والكثرة ، ففي الصدر الأول كانوا ظاهرين أقوياء ، وكلما تقادم الزمان ازدادوا في الإختفاء ، لكن لا تنقطع الفرقة الناجية ما دام القرآن موجودا. قال الله تعالى : (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ) الآية ، فلو لا أن أهل القرآن الذين يتدبرونه موجودون لما بقي القرآن ، إن قلت إن دعاءهم مستجاب فهلا دعوا باصلاح العالم مثلا؟ أجيب بأنهم لا يلهمون الدعاء بغير ما في علم الله ، فإذا علم الله أن العالم لا يصلح مثلا فلا يلهمون ولا يوفقون للدعاء باصلاحه بل هم أشد الناس صبرا وتحملا للمكاره ورضا بالقضاء والقدر وفي ذلك قلت :
أرح قلبك العاني وسلم له القضا |
|
تفز بالرضا فالأصل لا يتحول |
علامة أهل الله فينا ثلاثة |
|
أمان وتسليم وصبر مجمل |
والتفرق المذموم إنما هو في العقائد لا في الفروع فإنه رحمة لعباد الله. قوله : (وَأُولئِكَ) مبتدأ وعذابان مبتدأ ثان ولهم متعلق بمحذوف خبر الثاني والثاني وخبره خبر الأول. وقوله : (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ) ظرف متعلق بما تعلق به الجار والمجرور تقديره وأولئك الذين تفرقوا في العقائد عذاب عظيم مستقر لهم يوم تبيض وجوه إلخ. يعني أنه يكون ويحصل ذلك العذاب حينئذ ، ويحتمل أن قوله : (يَوْمَ) مفعول المحذوف تقديره اذكر يوم تبيض وجوه. وبياض الوجه إما حقيقة فقد ورد أن وجه المؤمن يكون أضوأ من الشمس في رابعة النهار ، وإما كناية عن الفرج والسرور ومثله يقال في اسوداد الوجه ، وذلك حين تطاير الصحف ، فالمؤمن يأخذ كتابه بيمينه ويقول : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) الآية والكافر