(مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بالدعاء إلى مخالفتك (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) وكان صنع لهم أصناما صغارا يعبدونها وقال أنا ربكم وربها ولذا قال أنا ربكم الأعلى (قالَ سَنُقَتِّلُ) بالتشديد والتخفيف (أَبْناءَهُمْ) المولودين (وَنَسْتَحْيِي) نستبقي (نِساءَهُمْ) كفعلنا بهم من قبل (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) (١٢٧) قادرون ففعلوا بهم ذلك فشكا بنو إسرائيل (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا) على أذاهم (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها) يعطيها (مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ) المحمودة (لِلْمُتَّقِينَ) (١٢٨) الله (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (١٢٩) فيها (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ) بالقحط (وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (١٣٠) يتعظون فيؤمنون (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) الخصب والغنى (قالُوا لَنا هذِهِ) أي نستحقها ولم يشكروا عليها (وَإِنْ تُصِبْهُمْ
____________________________________
ولا مبدلين.
قوله : (وَقالَ الْمَلَأُ) أي المصرون على الكفر ، فإنه حين آمنت به السحرة ، آمن من بني إسرائيل ستمائة ألف. قوله : (وَيَذَرَكَ) معطوف على : (لِيُفْسِدُوا) والمعنى أتترك موسى وقومه ليفسدوا في الأرض وليتركك وآلهتك ، والاستفهام إنكاري ، والمعنى لا يليق ذلك. قوله : (وَآلِهَتَكَ) بالجمع في قراءة الجمهور ، لأنه جعل آلهة يعبدها قومه ، وجعل نفسه هو الإله الأعلى ، قال تعالى : (فَحَشَرَ فَنادى فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) وقرىء شذوذا وآلهتك بتاء التأنيث ، لأنه كان يعبد الشمس. قوله : (أصناما صغارا) أي على صورة الكواكب. قوله : (بالتشديد والتخفيف) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (المولودين) أي الصغار. قوله : (وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ) أي للخدمة. قوله : (من قبل) أي قبل مولد موسى.
قوله : (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ) أي تسلية لهم. قوله : (اسْتَعِينُوا بِاللهِ) أي اطلبوا الإعانة منه سبحانه. قوله : (يُورِثُها) الجملة حالية من لفظ الجلالة ، وقوله : (مَنْ يَشاءُ) مفعول ثان ، والمفعول الأول الهاء. قوله : (لِلْمُتَّقِينَ) (الله) قدره إشارة إلى أن مفعول المتقين محذوف. قوله : (قالُوا أُوذِينا) أي بالقتل للأولاد واستبقاء النساء للخدمة. قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا) أي بالرسالة ، وكان فرعون يستعملهم في الأعمال الشاقة نصف النهار ، فلما بعث موسى وجرى بينهم ما جرى ، استعملهم جميع النهار ، وأعاد القتل فيهم. قوله : (كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (فيها) أي من الإصلاح والإفساد.
قوله : (وَلَقَدْ) اللام موطئة لقسم محذوف تقديره والله لقد أخذنا أي ابتلينا ، وهذا شروع في تفصيل مبادي هلاك فرعون وقومه لتكذيبهم بالآيات البينات. قوله : (بِالسِّنِينَ) جمع سنة ، ومن المعلوم أنه يجري مثل جمع المذكر السالم في إعرابه بالواو رفعا ، وبالياء نصبا وجرا ، وتحذف نونه للإضافة ، ففي الحديث : «اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف» ويقل إعرابه كحين. قوله : (بالقحط) أي احتباس المطر. قوله : (وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ) أي إتلافها بالآفات.
قوله : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) أشار بذلك إلى أنهم باقون في غيهم وضلالهم ، لم يتعظوا ولم