تَعْقِلُونَ) (١٥١) تتدبرون (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي) أي بالخصلة التي (هِيَ أَحْسَنُ) وهي ما فيه صلاحه (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) بأن يحتلم (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) بالعدل وترك البخس (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) طاقتها في ذلك فإن أخطأ في الكيل والوزن والله يعلم صحة نيته فلا مؤاخذة عليه كما ورد في حديث (وَإِذا قُلْتُمْ) في حكم أو غيره (فَاعْدِلُوا) بالصدق (وَلَوْ كانَ) المقول له أو عليه (ذا قُرْبى) قرابة (وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (١٥٢) بالتشديد تتعظون والسكون (وَأَنَ) بالفتح على تقدير اللام والكسر استئنافا
____________________________________
محذوف ، والتقدير ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا ملتبسين بالحق ، أو قتلا ملتبسا بالحق ، وهو استثناء مفرع ، أي لا تقتلوها في حال من الأحوال ، إلا في حال ملابستكم بالحق. قوله : (كالقود) أي القصاص ، وقوله : (وحد الردة) أي لما في الحديث «من بدل دينه فاقتلوه». وقوله : (ورجم المحصن) أي بشروطه ، وهو وما قبله المذكورة في الفروع.
قوله : (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ) مبتدأ وخبر ، وقوله : (المذكور) إشارة إلى أن اسم الإشارة عائد على ما تقدم من الأمور. قوله : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ختم هذه الآية بذلك ، لأنها اشتملت على خمسة أشياء عظام ، والوصية فيها أبلغ منها في غيرها ، لعموم نفعها في الدين والدنيا ، فختمها بالعقل الذي هو مناط التكليف. قوله : (أي بالخصلة التي) (هِيَ أَحْسَنُ) أشار بذلك إلى أنه نعت لمصدر محذوف ، والمعنى لا تقربوا مال اليتيم في حالة من الحالات ، إلا في الحالة التي هي أحسن لليتيم.
قوله : (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) غاية لما يفهم من النهي ، كأنه قال : احفظوه إلى بلوغ أشده ، فسلموه له حينئذ. قوله : (بأن يحتلم) هذا تفسير لبلوغ الأشد ، باعتبار أول زمانه ، وسيأتي في الأحقاف تفسيره باعتبار آخره وهو ثلاث وثلاثون سنة ، لأن الأشد هو قوة الإنسان وشدته ومبدؤه البلوغ ، وينتهي لثلاث وثلاثين سنة. قوله : (بِالْقِسْطِ) متعلق بمحذوف إما حال من فاعل : (أَوْفُوا) ، أو من مفعوله أي أوفوهما حال كونكم مقسطين ، أو حال كونهما تامين. قوله : (وترك البخس) أي النقص في الكيل أو الوزن. قوله : (فلا مؤاخذة عليه) أي لا إثم ، ولكنه يضمن ما أخطأ فيه ، لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء.
قوله : (وَإِذا قُلْتُمْ) المراد بالقول ما يعم الفعل ، وقوله : (فَاعْدِلُوا) (بالصدق) أي لا تتركوه في القول ولا في الفعل ، وإنما خص القول تنبيها بالأدنى على الأعلى. قوله : (وَبِعَهْدِ اللهِ) إما مضاف لفاعله أي ما عهده إليكم ، أو لمفعوله أي ما عاهدتم الله عليه. قوله : (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ختمها بذلك لأن هذه الأمور خفية غامضة ، لا بد فيها من الاجتهاد والتذكر. قوله : (والسكون) صوابه والتخفيف ، إذ لم يقرأ بسكون الذال ، فمن شدد قلب التاء ذالا وأدغمها في الأخرى ، ومن خفف حذف إحدى التاءين. قوله : (بالفتح) أي مع التشديد أو التخفيف ، وقوله : (والكسر) أي مع التشديد لا غير ، فالقراءات ثلاث وكلها سبعية. قوله : (على تقدير اللام) أي على كل من الوجهين ، وحينئذ تكون الواو عاطفة من عطف العلة على المعلول ، والتقدير كلفتم بهذا الذي وصاكم به من أول الربع إلى هنا ، أو من أول السورة إلى هنا ، لأن هذا صراطي. قوله : (استئنافا) أي واقعا في جواب سؤال مقدر ، ومع ذلك فيها معنى التعليل ، كأن