فداء (لا يُؤْخَذْ مِنْها) ما تفدى به (أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) ماء بالغ نهاية الحرارة (وَعَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠) بكفرهم (قُلْ أَنَدْعُوا) أنعبد (مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا) بعبادته (وَلا يَضُرُّنا) بتركها وهو الأصنام (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) نرجع مشركين (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) إلى الإسلام (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ) أضلته (الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ) متحيرا لا يدري أين يذهب حال من الهاء (لَهُ أَصْحابٌ) رفقة (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) أي ليهدوه إلى الطريق يقولون له (ائْتِنا) فلا يجيبهم فيهلك والاستفهام للإنكار وجملة التشبيه حال من ضمير نرد (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ) الذي هو الإسلام (هُوَ الْهُدى) وما عداه ضلال (وَأُمِرْنا
____________________________________
قوله : (ما تفدى به) أشار بذلك إلى أن الضمير في لا يؤخذ عائد على الفداء بمعنى المفدى به ، فهو مصدر أريد به اسم المفعول.
قوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ) اسم الإشارة مبتدأ خبره الاسم الموصول ، و (لَهُمْ شَرابٌ) مبتدأ وخبر والجملة إما خبر ثان أو حال من الضمير في أبسلوا ، أو مستأنف بيان للإبسال. قوله : (ماء بالغ نهاية الحرارة) أي يقطع الأمعاء كما قال في الآية الأخرى (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ). قوله : (بكفرهم) أشار بذلك إلى أن ما مصدرية ، والفعل في تأويل مصدر مجرور بالباء. قوله : (قُلْ أَنَدْعُوا) قيل سبب نزولها أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه دعا والده إلى عبادة الأصنام ، فنزلت الآية أمرا للنبي صلىاللهعليهوسلم أن يرد على عبد الرحمن ومن يقوله بقوله ، وفيه اعتناء بشأن الصديق وإظهار لفضله ، حيث وجه الأمر إلى رسول الله ، وفي الواقع الأمر لأبي بكر ، والمعنى لا يليق منا عبادة من لا ينفعنا إذا عبدناه ، ولا يضرنا إذا تركناه. قوله : (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) معطوف على أندعوا ، فهو داخل في حيز الاستفهام. قوله : (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) أي بعد وقت هداية الله لنا.
قوله : (كَالَّذِي) صفة لموصوف محذوف ، أي نرد ردا مثل الذي استهوته ، والاستهواء من الهوى وهو السقوط من علو إلى سفل ، سمى الاضلال بذلك ، لأن من سقط من علو إلى سفل ولم يجد محلا يستند عليه هلك ، فكذلك من ترك الدين القويم ولم يتبعه هلك ولا يجد ناصرا وقد صرح بالمراد من هذا التشبيه في قوله تعالى : (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) والحاصل أن المشرك بالله مع وجود من يدله على التوحيد ، مثله مثل من اختطفته الشياطين وسارت به في المفاوز والمهالك ، مع سماعه مناداة من يأخذ بيده ويخلصه منهم وهو مفرط وراض لنفسه بذلك ، والمراد بالشياطين ما يشمل شياطين الإنس. قوله : (فِي الْأَرْضِ) متعلق باستهوته. قوله : (حال من الهاء) أي في استهوته.
قوله (لَهُ أَصْحابٌ) جملة في محل نصب صفة لحيران قوله : (والاستفهام الخ) أي وهو قوله أندعوا ، والمعنى لا ينبغي غير الله بعد هدايته لنا ، لأن من عبد غير الله بعد إيمانه بالله ، كان كمثل من أخذته الشياطين فصار حيران لا يدري أين يتوجه ، مع كون أصحابه يدعونه إلى الطريق المستقيم فلا يجيبهم. قوله : (هُوَ الْهُدى) أي التوفيق والاستقامة والجملة المعرفة الطرفين تفيد الحصر ، فهو بمعنى إن