إلها (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) المعجزات على وحدانية الله (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) ولم نستأصلهم (وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) (١٥٣) تسلطا بينا ظاهرا عليهم حيث أمرهم بقتل أنفسهم توبة فأطاعوه (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ) الجبل (بِمِيثاقِهِمْ) بسبب أخذ الميثاق عليهم ليخافوا فيقبلوه (وَقُلْنا لَهُمُ) وهو مظل عليهم (ادْخُلُوا الْبابَ) باب القرية (سُجَّداً) سجود انحناء (وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا) وفي قراءة بفتح العين وتشديد الدال وفيه إدغام التاء في الأصل في الدال أي لا تعتدوا (فِي السَّبْتِ) باصطياد الحيتان فيه (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) (١٥٤) على ذلك فنقضوه (فَبِما نَقْضِهِمْ) ما زائدة والباء للسببية متعلقة بمحذوف أي لعناهم بسبب نقضهم (مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ) النبي صلىاللهعليهوسلم (قُلُوبُنا غُلْفٌ) لا تعي كلامك (بَلْ طَبَعَ) ختم (اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) فلا تعي وعظا (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (١٥٥) منهم كعبد الله
____________________________________
قوله : (المعجزات) أي كالعصا واليد البيضاء والسنين وفلق البحر. قوله : (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) أي قبلنا توبتهم ، فتوبوا أنتم أيضا حتى يعفو عنكم. قوله : (سُلْطاناً) أي قهرا عظيما وسلطنة جليلة. قوله : (فأطاعوه) أي فقتل منهم سبعون ألفا في يوم واحد.
قوله : (بِمِيثاقِهِمْ) أي حين جاءهم موسى بالتوراة ، وفيها الأحكام فامتنعوا من قبولها ، فرفع الله فوقهم الطور ، فخافوا من وقوعه عليهم فقبلوه وسجدوا على جبينهم وأعينهم تنظر له ، فصار ذلك فيهم إلى الآن. قوله : (فيقبلوه) أي الميثاق ولا ينقضوه. قوله : (وهو مظل عليهم) أي مرفوع عليهم ، والتقييد بذلك سبق قلم ، لأن القول لهم حين دخول القرية كان بعد مدة التيه ، وتلك القرية قيل هي بيت المقدس وقيل أريحا ، والقول قيل على لسان يوشع بن نون وهي قرية الجبارين ، وأما رفع الجبل فكان قبل دخولهم التيه حين جاءتهم التوراة فلم يؤمنوا بها. قوله : (سجود انحناء) أي خضوع وتذلل ، فخافوا ودخلوا يزحفون على أستاههم ، وتقدم بسط ذلك في البقرة. قوله : (لا تَعْدُوا) بسكون العين وضم الدال من عدا يعدو بمعنى جار ، وأصله تعدووا بضم الواو الأولى وهي لام الكلمة ، استثقلت الضمة عليها فحذفت فالتقى ساكنان ، حذفت الواو لالتقائهما ووزنه تفعوا. قوله : (وفي قراءة بفتح العين) أي فأصله تعتدوا قلبت التاء دالا ثم أدغمت في الدال ، والمعنى أنهم نهوا عن الاعتداء في السبت بصيد السمك ، فخالف بعضهم واصطاد وامتنع بعضهم من غير نهي للآخرين وامتنع بعضهم مع نهي من اصطاد ، فحل بمن اصطاد العذاب ونجا من نهي ، وسيأتي بسط ذلك في سورة الأعراف. قوله : (مِيثاقاً غَلِيظاً) أي أنهم إن خالفوا عذبهم الله بأي نوع من العذاب أراده. قوله : (بِآياتِ اللهِ) أي القرآن أو كتابهم. قوله : (بِغَيْرِ حَقٍ) أي حتى في زعمهم ، أي فهم مقرّون بأن القتل بغير وجه.
قوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها) أي غشيت وغطيت بغطاء معنوي لا حسي كما قالوا تهكما ، بمعنى أنهم صم بكم عمي لا يهتدون للحق ولا يعونه. قوله : (إِلَّا قَلِيلاً) قيل إنه مستثنى من فاعل (يُؤْمِنُونَ) ورد بأن من آمن لم يطبع على قلبه ، والأحسن أنه مستثنى من الهاء في قوله : (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها) أي إلا قليلا