رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي) أي مثل ما (رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) أي قبله في الجنة لتشابه ثماره بقرينة (وَأُتُوا بِهِ) أي جيئوا بالرزق (مُتَشابِهاً) يشبه بعضه بعضا لونا ويختلف طعما (وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ) من الحور وغيرها (مُطَهَّرَةٌ) من الحيض وكل قذر (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٥) ماكثون أبدا لا يفنون ولا يخرجون. ونزل ردا لقول اليهود لما ضرب الله المثل بالذباب في قوله : (وإن يسلبهم الذباب شيئا) والعنكبوت في قوله : (كمثل العنكبوت) ما أراد الله بذكر هذه الأشياء الخسيسة. (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ) يجعل (مَثَلاً) مفعول أول (ما) نكرة موصوفة بما بعدها مفعول ثان أي أي مثل كان أو زائدة لتأكيد الخسة فما بعدها المفعول الثاني (بَعُوضَةً) مفرد البعوض وهو صغار
____________________________________
رأوه قالوا : (هذا الذي رزقنا من قبل بحسب ما رأوا من اتحاد اللون ، فإذا أكلوه علموا عدم الإتحاد. قوله : (أي قبله في الجنة) أشار بذلك إلى رد ما قيل إن المراد بقوله من قبل في الدنيا وقوله : (وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) أي يشبه ثمر الدنيا في الصورة. قوله : (جيئوا بالرزق) أي يأتي به الولدان والملائكة والمراد بالرزق المرزوق أي المأكول. قوله : (وغيرها) أي نساء الدنيا فقد ورد أن نساء الدنيا يكن أجمل من الحور العين ، وقد ورد أن كل رجل يزوج بأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف أيم ومائة حوراء. قوله : (وكل قذر) أي كالنفاس والبصاق والمخاط وليس في الجنة إنزال ولا حمل ولا ولادة وليس الأكل والشرب عن جوع وظمأ. قوله : (لا يفنون) أي ولا يمرضون ولا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم. قوله : (ولا يخرجون) أي لقوله تعالى : (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ). قوله : (ونزل ردا) فاعل نزل جملة (إن الله لا يستحيى) قصد لفظها وردا بمعنى جوابا مفعول لأجله أو حال من فاعل نزل ، وقوله لما : (ضرب الله المثل) ظرف للقول ومقول القول قوله : ماذا أراد الله إلخ وقوله : (بالذباب) الباء للتصوير وهو متعلق بضرب وجواب استفهامهم قوله تعالى : (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) قوله : (في قوله) أي تعالى وحذفها للاختصار وكذا بقية المثلين قوله : (بذكر هذه الأشياء الخسيسة) أي مع أنه عظيم وقالوا أيضا إن الواحد منا يستحي أن يضرب المثل بالشيء الخسيس فالله أولى وجعلوا ذلك ذريعة لإنكار كونه من الله.
قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ) مضارع استحيا ومصدره استحياء وقرىء بحذف إحدى الياءين فاختلف هل المحذوف اللام أو العين ، فعلى الأول وزنه يستفع وعلى الثاني وزنه يستفل ، وعلى كل نقلت حركة ما بعد الساكن إليه فحذفت إما اللام أو العين ، والحياء في حق الحوادث تغيير وانكسار يعتري الإنسان من فعل ما يعاب ولازمه الترك فأطلق في حق الله وأريد لازمه وهو الترك ، وإنما أتى به مشاكلة لقولهم : الله عظيم يستحي أن يضرب المثل بالشيء الحقير. قوله : (أَنْ يَضْرِبَ) فيه حذف الجار أي من أن يضرب وقوله : (يجعل) أي فينصب مفعولين. قوله : (أو زائدة) أي وهو الأقرب والمعنى على الأول إن الله لا يستحيي أن يجعل مثلا شيئا موصوفا بكونه بعوضة فما فوقها وعلى الثاني إن الله لا يستحي أن يجعل مثلا بعوضة فما فوقها. قوله : (لتأكيد الخسة) أي فليست زيادة محضة وهكذا كل زائدة في القرآن. قوله : (وهو صغار البق) يطلق البق على الناموس وعلى الأحمر المنتن الرائحة والأقرب الأول لأنه عجيب في الخلقة فله ستة أرجل وأربعة أجنحة وخرطوم طويل وذنب ومع ضعفه وصغره يقتل الجمل العظيم بمنقاره وهو القاتل للنمروذ. قوله : (أي أكبر منها) أي في الجسم كالجمل مثلا ويحتمل أن المراد