الله تعالى عنها قالت : تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) إلى آخرها وقال : «فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» ، وروى الطبراني في الكبير عن أبي موسى الأشعري أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : ما أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال ، وذكر منها «أن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وليس يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب» الحديث. (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ) تدفع (عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ) أي عذابه (شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) (١٠) بفتح الواو ما توقد به ، دأبهم (كَدَأْبِ) كعادة (آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم كعاد وثمود (كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ) أهلكهم (بِذُنُوبِهِمْ) والجملة مفسرة لما قبلها (وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) (١١) ونزل لما أمر النبي صلىاللهعليهوسلم اليهود
____________________________________
بذلك الاستدلال على ذم المتبعين للمتشابه ومدح الراسخين. قوله : (فأولئك الذين سمى الله) أي بقوله : (فأما الذين في قلوبهم زيغ) الآية. قوله : (فاحذروهم) الخطاب لعائشة وإنما ذكر وجمع تعظيما لها أو إشارة إلى عدم خصوصيتها بذلك. قوله : (وروى الطبراني) أي في معجمه الكبير. قوله : (إلا ثلاث خلال) هذه نسخة وفي أخرى خصال. قوله : (وذكر منها الخ) هذه هي الخلة الثانية وترك اثنتين ، ونص الحديث : أخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال : أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا ، وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله وما يعلم تأويله إلا الله. والراسخون في العلم يقولون امنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب ، وأن يزداد علمهم فيضعوه ولا يسألوا عنه».
قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا) قيل المراد بهم جميع من كفروا من أول الزمان إلى آخره ، وقيل المراد بهم نصارى نجران ، وقيل كفار مكة ، وعلى كل فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قوله : (أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ) قدم الأموال لأن الشأن أن الشخص أول ما يقتدي بالأموال ثم بالأولاد ، والمعنى أن زينتهم وعزهم لا يدفع عنهم شيئا من عقاب الله أبدا لا قليلا ولا كثيرا. قوله : (أي عذابه) أشار بذلك إلى أن في الكلام حذف مضاف.
قوله : (وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) هذه الجملة تأكيد للجملة الأولى. قوله : (بفتح الواو) أي بإتفاق السبعة ، وقرأ الحسن بضم الواو مصدر بمعنى الإيقاد. قوله : (ما يوقد به) أي وهو الحطب مثلا. قوله : (دأبهم) (كَدَأْبِ) إشار بذلك إلى أن قوله كدأب خبر لمحذوف قدره بقوله دأبهم ، وهذا بيان لسبب كونهم وقود النار ، وفي ذلك تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم أي فلا تحزن يا محمد فإن ما نزل بالأمم الذين كفروا من قبلك ينزل بمن كفر بك. قوله : (كعاد وثمود) بيان الأمم وأدخلت الكاف باقي الأمم الذين كفروا بأنبيائهم ، كقوم نوح وقوم موسى وغيرهم. قوله : (أهلكهم) (بِذُنُوبِهِمْ) أي انتقم منهم دنيا وأخرى. قوله : (والجملة مفسرة لما قبلها) أي جملة كذبوا وما قبلها هي قوله كدأب آل فرعون. وأعلم أن هنا قال كذبوا بآياتنا ، وفي آية أخرى كفروا بآيات الله وفي آية أخرى كذبوا بآيات ربهم ، وحكمة ذلك التفنن في التعبير على عادة فصحاء العرب ، والباء في قوله بذنوبهم يحتمل أن تكون للملابسة ، والمعنى أخذهم الله