نعت محمد (لِيُحَاجُّوكُمْ) ليخاصموكم واللام للصيرورة (بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ) في الآخرة ويقيموا عليكم الحجة في ترك اتباعه مع علمكم بصدقه (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٧٦) أنهم يحاجونكم إذا حدثتموهم فتنتهوا قال تعالى : (أَوَلا يَعْلَمُونَ) الإستفهام للتقرير والواو الداخل عليها للعطف (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) (٧٧) ما يخفون وما يظهرون من ذلك وغيره فيرعووا عن ذلك (وَمِنْهُمْ) أي اليهود (أُمِّيُّونَ) عوام (لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ) التوراة (إِلَّا) لكن (أَمانِيَ) أكاذيب تلقوها من رؤسائهم فاعتمدوها (وَإِنْ) ما (هُمْ) في جحد نبوة النبي وغيره مما يختلقونه (إِلَّا يَظُنُّونَ) (٧٨) ظنا ولا علم لهم (فَوَيْلٌ) شدة عذاب (لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) أي مختلقا من عندهم (ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً) من الدنيا
____________________________________
عند ربكم ، والفعل منصوب بأن مضمرة بعدها. قوله : (في الآخرة) إشارة إلى معنى العندية وهو متعلق بيحاجوكم. قوله : (أنهم يحاجونكم) أشار بذلك إلى مفعول تعقلون وأنه من كلام الرؤساء الذين لم ينافقوا. قوله : (الإستفهام للتقرير) أي على سبيل التوبيخ ، حيث اعتقدوا أن المنافق يؤاخذ والكافر الأصلي لا حجة عليه وله عذر قائم عند ربه وهذه الجملة حالية. قوله : (الداخل) نعت سببي للواو فكان عليه أن يظهر فاعله ويقول ، والواو الداخل الإستفهام عليها للعطف لوجود اللبس. قوله : (للعطف) أي على محذوف تقديره أيلومونهم ولا يعلمون ، وتقدم أن هذا مذهب الزمخشري.
قوله : (أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ) هذه الجملة سدت مسد مفعولي يعلمون إن كانت على بابها أو مفعولها إن كانت بمعنى يعرفون قوله : (فيرعووا) أي فينكفوا وينزجروا وهو مرتب على قوله : (أَوَلا يَعْلَمُونَ) كما أن قوله فتنتهوا مرتب على قوله : (أَفَلا تَعْقِلُونَ). قوله : (وَمِنْهُمْ) شروع في ذكر الفرقة الرابعة. قوله : (أُمِّيُّونَ) أي منسوبون للأم لعدم انتقالهم عن حقيقتهم الأصلية التي ولدتهم عليها ، قال تعالى : (وَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) والأمي هو من لا يقرأ ولا يكتب. قوله : (إِلَّا) (لكن) (أَمانِيَ) اشار بذلك إلى أن الاستثناء منقطع والأماني جمع امنية وهو ما يتمناه الشخص ، ويطلق على القراءة وعلى الأكاذيب وهو المراد هنا. قوله : (فاعتمدوها) أي ثبتوا عليها ورسخت في قلوبهم. قوله : (ما) (هُمْ) اشار بذلك إلى أن إن نافية بمعنى ما ، والغالب وقوعها بعد إلا التي بمعنى لكن ، وهل تعمل عمل ما الحجازية فتنصب الاسم وترفع الخبر ، أو لا عمل لها فما بعدها مبتدأ وخبر خلاف بين الجمهور وسيبويه فاختار سيبويه الأول مستدلا بقول الشاعر :
إن هو مستوليا على أحد |
|
إلا على اضعف المجانين |
واختار الجمهور الثاني. قوله : (ولا علم لهم) أي ليس عندهم جزم مطابق الواقع ، وإنما أخر الأميون لأنهم اقرب للإيمان بخلاف من قبلهم فإنهم وأضلوا افرأيت من اتخذ إلهه هواه واضله الله على علم. قوله : (فَوَيْلٌ) شروع في ذكر ما يستحقونه. قوله : (شدة عذاب) وقيل واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لا نماعت من حره. قوله : (الْكِتابَ) أي المكتوب. قوله : (بِأَيْدِيهِمْ) دفع بذلك ما يتوهم أن المراد املوه لغيرهم. قوله : (لِيَشْتَرُوا) علة لقوله يكتبون قوله : (غيروا صفة النبي) أي من كونه ربعة جعد الشعر اكحل العينين ، فغيروها وقالوا طويل سبط الشعر ازرق العينين. قوله : (وآية الرجم) أي