(ثُمَّ رُدُّوا) أي الخلق (إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ) مالكهم (الْحَقِ) الثابت العدل ليجازيهم (أَلا لَهُ الْحُكْمُ) القضاء النافذ فيهم (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) (٦٢) يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف نهار من أيام الدنيا لحديث بذلك (قُلْ) يا محمد لأهل مكة (مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) أهوالهما في أسفاركم حين (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً) علانية (وَخُفْيَةً) سرا تقولون (لَئِنْ) لام قسم (أَنْجانا) وفي قراءة أنجانا أي الله (مِنْ هذِهِ) الظلمات والشدائد (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٦٣) المؤمنين (قُلِ) لهم (اللهُ يُنَجِّيكُمْ) بالتخفيف والتشديد (مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) غم سواها (ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ) (٦٤) به (قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) من السماء كالحجارة والصيحة (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) كالخسف (أَوْ يَلْبِسَكُمْ) يخلطكم (شِيَعاً) فرقا مختلفة الأهواء (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) بالقتال ، قال صلىاللهعليهوسلم لما نزلت هذا أهون وأيسر ولما نزل
____________________________________
نفسا مؤمنة ، دفعها إلى ملائكة الرحمة فيبشرونها بالثواب ويصعدن بها إلى السماء ، وإذا قبض نفسا كافرة ، دفعها إلى ملائكة العذاب فيبشرونها بالعذاب ويفزعونها ، ثم يصعدون بها إلى السماء ، ثم ترد إلى سجين ، وروح المؤمن إلى عليين.
قوله : (ثُمَّ رُدُّوا) معطوف على توفته ، وأفرد أولا لأن التوفي يكون لكل شخص على حدة ، وجمع ثانيا لأن الرد يكون للجميع. قوله : (مالكهم) دفع بذلك ما يقال إن بين هذه الآية وآية (وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ) تنافيا فأجاب بأن المراد بالمولى هنا المالك وبه هناك الناصر. قوله : (أَلا لَهُ الْحُكْمُ) أي لا لغيره. قوله : (لحديث بذلك) وفي رواية أنه تعالى يحاسب الكل في مقدار حلب شاة. قوله : (قُلْ) (يا محمد) أي توبيخا لهم وردعا. قوله : (أهوالهما) أي فالظلمات كناية عن الأهوال والشدائد التي تحصل في البر والبحر ، وما مشى عليه المفسر أتم لشمولها للحقيقة وغيرها ، وقيل المراد بالظلمات حقيقتها ، فظلمات البر هي ما اجتمع من ظلمة الليل وظلمة السحاب ، وظلمة البحر ما اجتمع فيه من ظلمة الليل وظلمة السحاب وظلمة الرياح العاصفة والأمواج الهائلة. قوله : (وَخُفْيَةً) الجمهور على ضم الخاء ، وقرأ أبو بكر بكسرها ، وقرأ الأعمش خيفة كالأعراف.
قوله : (لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ) الجملة في محل نصب مقول القول كما قدره المفسر. قوله : (والشدائد) عطف تفسير. قوله : (بالتخفيف والتشديد) أي وكل منهما مع قراءة أنجيتنا بالتاء ، وأما من قرأ أنجانا فيقرأ بالتشديد هنا لا غير ، فالقراءات ثلاث وكلها سبعية.
قوله : (قُلْ هُوَ الْقادِرُ) هذا بيان لكونه قادرا على الإهلاك إثر بيان أنه المنجي من المهالك. قوله : (كالحجارة) أي التي نزلت على أصحاب الفيل ، وقوله (والصيحة) أي صرخة جبريل التي صرخها على ثمود قوم صالح. قوله : (كالخسف) أي الذي وقع لقارون. قوله : (شِيَعاً) منصوب على الحال جمع شيعة وهي من يتقوى بهم الإنسان ويجمع على أشياع. قوله : (فرقا) جمع فرقة وهي الجماعة. قوله : (لما نزلت) أي آية (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ). قوله : (أهون وأيسر) أي مما قبله وهو