بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل الفرقان مصدقا لما بين يديه هدى وبشرى للمتقين ، قرآنا عربيا غير ذي عوج موعظة وذكرى للمؤمنين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ندخل بها الفردوس آمنين وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين ، المنزل عليه الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ، صلّى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين أوتو العلم درجات. وبعد :
فيقول العبد الفقير الذليل أحمد بن محمد الصاوي المالكي الخلوتي : لما علم التفسير أعظم العلوم مقدارا وأرفعها شرفا ومنارا ، إذ هو رئيس العلوم الدينية ورأسها ، ومبنى قواعد الشرع وأساسها ، وكان كتاب الجلالين من أجل كتب التفسير ، وأجمع على الإعتناء به الجم الغفير من أهل البصائر والتنوير ، وجاءني الداعي الإلهي بقراءته فاشتغلت به على حسب عجزي ، ووضعت عليه كتابة ملخصة من حاشية شيخنا العلامة المحقق المدقق الورع : الشيخ سليمان الجمل ، مع زوائد وفوائد ، فتح بها مولانا من نور كتابه ، وإنما اقتصرت على تلخيص تلك الحاشية ، لكوني وجدتها ملخصة من جميع كتب التفسير التي بأيدينا ، تنسب لنحو عشرين كتابا منها البيضاوي وحواشيه وحواشي هذا الكتاب. ومنها الخازن والخطيب والسمين وأبو السعود ، والكواشي ، والبحر والنهر والساقية ، والقرطبي ، والكشاف ، وابن عطية ، والتحبير ، والإتقان ، ولم أنسب العبارات لأصحابها غالبا اكتفاء بنسبة الأصل والله على ما أقول وكيل ، وهو حسبي وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.
وقد تلقيت هذا الكتاب من أوله إلى آخره مرتين : عن العلامة الصوفي سيدي الشيخ سليمان الجمل وعن الإمام أبي البركات العارف بالله تعالى استاذنا الشيخ أحمد الدردير ، وعن استاذنا العلامة الشيخ الأمير ، وكل من هؤلاء الأئمة تلقاه عن تاج العارفين شمس الدين سيدي محمد بن سالم الحفناوي ، وعن الإمام أبي الحسن سيدي الشيخ علي الصعيدي العدوي ، والشيخ الحفناوي ، تلقاه عن العلامة سيدي محمد بن محمد البديري الدمياطي الشهير بابن الميت ، وهو عن نور الدين سيدي على الشبراملسي ، وهو عن الشيخ الحلبي صاحب السيرة ، وهو عن خاتمة المحققين ، سيدي علي الأجهوري ، وهو عن البرهان العلقمي ، وهو عن أخيه ، شمس الدين