(يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) نبينها مثل ذلك التفصيل (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٣٢) يتدبرون فإنهم المنتفعون بها (قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ) الكبائر كالزنا (ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ) أي جهرها وسرها (وَالْإِثْمَ) المعصية (وَالْبَغْيَ) على الناس (بِغَيْرِ الْحَقِ) هو الظلم (وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ) بإشراكه (سُلْطاناً) حجة (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٣٣) من تحريم ما لم يحرم وغيره (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) مدة (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ) عنه (ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٣٤) عليه (يا بَنِي آدَمَ إِمَّا) فيه إدغام نون إن الشرطية في ما المزيدة (يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى) الشرك (وَأَصْلَحَ) عمله (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ
____________________________________
رحمة الله تنفرد بالمؤمنين ، وغضبه ينفرد بالكافرين ، قال تعالى : (وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ). قوله : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ) أي نبينها ونوضحها في غير هذا الموضع ، مثل ذلك التفصيل والتوضيح في هذا الموضع. قوله : (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي إنه مستحق للعبادة. قوله : (فإنهم المنتفعون بها) أي وغيرهم لا يعبأ به ولا يخاطب. قوله : (كالزنا) أي والقتل وسلب الأموال وسائر أنواع الفسق بالجارحة. قوله : (أي جهرها وسرها) المراد بالجهر المعاصي الظاهرية ، كالقتل وشرب الخمر ، وسر المعاصي الباطنية القلبية ، كالعجب والكبر والرياء. قوله : (وَالْإِثْمَ) عطف عام على خاص ، وما بعده عطف خاص على عام لمزيد الاعتناء بشأنه. قوله : (هو الظلم) أي للناس ، إما بالقتل ، أو سلب الأموال ، أو التكلم في أعراضهم أو غير ذلك ، وقوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) إيضاح لمعنى : (الْبَغْيَ) فهو صفة كاشفة. قوله : (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) ما نكرة بمعنى شيء ، أي شيئا سواه تعالى. قوله : (حجة) أي دليلا ، لأن دليل الوحدانية لله أبطل الشرك لغيره. قوله : (وغيره) أي كتحليل الحرام ، ويدخل في ذلك المفتي بالكذب. قوله : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) أي لكل فرد من أفراد الأمة. قوله : (مدة) أي وقت معين. قوله : (ساعَةً) أي شيئا قليلا من الزمن ، فالمراد بالساعة الساعة الزمانية ، وقوله : (لا يَسْتَأْخِرُونَ) جواب إذا ، وقوله : (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) مستأنف أو معطوف على الجملة الشرطية ، ولا يصح عطفه على قوله : (لا يَسْتَأْخِرُونَ) لأن المعطوف على الجواب جواب ، وجواب إذا يشترط أن يكون مستقبلا ، والاستقدام بالنسبة لمجيء الأجل ماض ، فلا يصح ترتبه على الشرط.
قوله : (يا بَنِي آدَمَ) هذا خطاب عام لكل من لآدم عليه ولادة من أول الزمان لآخره ، ولكن المقصود من كان في زمنه صلىاللهعليهوسلم ، وفي هذه الآية دليل على عموم رسالته ، لأن الله خاطب من أجله عموم بني آدم. قوله : (في ما المزيدة) أي للتأكيد. قوله : (يَأْتِيَنَّكُمْ) فعل الشرط مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم ، وجملة : (فَمَنِ اتَّقى) إلى (خالِدُونَ) جواب الشرط ، والرابط محذوف تقديره فمن اتقى منكم ، ومن يحتمل أن تكون شرطية ، واتقى فعل الشرط ، وجملة : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) جوابه ، ويحتمل أنها موصولة ، واتقى صلتها ، وجملة : (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) خبرها ، وقرن بالفاء لما في المبتدأ من معنى العموم. قوله : (مِنْكُمْ) أي من جنسكم يا بني آدم ، وإنما كان من جنسهم ، لأنه أقطع لعذرهم وحجتهم. قوله : (يَقُصُّونَ) أي يقرؤون ويتلون. قوله : (آياتِي) أي القرآنية وغيرها. قوله : (فَمَنِ اتَّقى) (الشرك) أشار بذلك إلى أن المراد بالتقوى هنا التقوى العامة ، وهي اتقاء الشرك