فعدتهن قرءان بالسنة (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) من الولد أو الحيض (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَ) أزواجهن (أَحَقُّ بِرَدِّهِنَ) بمراجعتهن ولو أبين (فِي ذلِكَ) أي في زمن التربص (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) بينهما لا ضرار المرأة وهو تحريض على قصده لا شرط لجواز الرجعة وهذا في الطلاق الرجعي وأحق لا تفضيل فيه إذ لاحق لغيرهم في نكاحهن في العدة (وَلَهُنَ) على الأزواج (مِثْلُ الَّذِي) لهم (عَلَيْهِنَ) من الحقوق (بِالْمَعْرُوفِ) شرعا من حسن العشرة وترك الضرار ونحو ذلك (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فضيلة في الحق من وجوب طاعتهن لهم لما ساقوه من المهر والإنفاق (وَاللهُ عَزِيزٌ) في ملكه (حَكِيمٌ) (٢٢٨) فيما دبره لخلقه (الطَّلاقُ) أي التطليق الذي يراجع بعده (مَرَّتانِ) أي اثنتان (فَإِمْساكٌ) أي فعليكم بعده بأن تراجعوهن (بِمَعْرُوفٍ) من غير إضرار (أَوْ تَسْرِيحٌ) أي إرسالهن (بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ) أيها
____________________________________
والأمة ، وأما من يأتيها الحيض فعدتها ثلاثة أقراء إن كانت حرة ، وقرءان إن كانت أمة ، وهذا في الطلاق ، وأما في الوفاة فسيأتي أنها للحرة أربعة أشهر وعشرة وللأمة نصفها ، وللحامل وضع الحمل. قوله : (من الولد أو الحيض) أي أو عيوب الفرج كالرتق والقرن والعفل والبخر والإفضاء.
قوله : (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ) هذا من باب الزجر والتشديد عليهن ، وجواب الشرط محذوف دل عليه قوله فلا يحل. قوله : (وَبُعُولَتُهُنَ) جمع بعل يطلق على الرجل والمرأة ، لكن المراد به هنا الرجل ، فالتاء لتأنيث الجمع لأن كل جمع يجوز تأنيثه. قوله : (لا ضرار المرأة) فتحرم الرجعة إذ ذاك ويعتريها الوجوب إن خشي على نفسه الزنا ، وتكره إن أشغلته عن عبادة مندوبة ، وتندب إن كانت تعينه على تلك العبادة. قوله : (لجواز الرجعة) أي مضيها فلا ينافي أنه شرط في جواز القدوم عليها. قوله : (في نكاحهن في العدة) صوابه أو يقول فلا حق لغيرهم في ردهن ورجعتهن كما عبر به غيره تأمل. قوله : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ) حاصله أن الرجل له حقوق على المرأة من طبخ وعجن وكنس وغير ذلك من الخدمة الباطنية ، وللمرأة حقوق على الرجل من نفقة وكسوة وإظهار محبة وغير ذلك ، فالمماثلة في الآية في مطلق الوجوب لا في صفة الحقوق ، وفي الآية احتباك حيث حذف من كل نظير ما اثبته في الآخر ، يشير لذلك تقدير المفسر قوله : (الأزواج) وقوله : (لهم). قوله : (فضيلة في الحق) أي فحق الرجل زائد على حقها. قوله : (لما ساقوه) علة لوجوب طاعتهن لهم ومعناه دفعوه ، وقوله من المهر والانفاق بيان لما.
قوله : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) سبب نزول هذه الآية أنه كان في صدر الإسلام إذا طلق الرجل امرأته طلاقا رجعيا وراجعها في العدة كان له ذلك ولو طلق الف مرة ، فطلق رجل امرأته طلقة رجعية ثم راجعها قبل انقضاء عدتها بشيء يسير فقال : والله لا آويك ولا تحلين لغيري أبدا فنزلت الآية فاستأنف الناس الطلاق والغوا ما مضى ، وقوله مرتان أي مرة بعد أخرى أو المرتان دفعة وهو تخصيص لقوله : (وبعولتهن أحق بردهن) في ذلك. قوله : (أي التطليق) إنما فسر اسم المصدر بالمصدر لأجل قوله أو تسريح. قوله : (أي اثنتان) دفع بذلك ما يتوهم أنه لا بد أن يكون على مرتين. قوله : (أي فعليكم) قدر ذلك إشارة إلى أن إمساك مبتدأ خبره محذوف ، وقدره مقدما عليه ليكون مسوغا للابتداء بالنكرة. قوله : (أَوْ تَسْرِيحٌ) يحتمل أن المراد بذلك إنشاء طلاق ثالث بعد المراجعة الثانية ، ويحتمل أن المراد عدم