(فِي الدِّينِ) الإسلام (وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) بدل وعصينا (وَاسْمَعْ) فقط (وَانْظُرْنا) انظر إلينا بدل راعنا (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) مما قالوه (وَأَقْوَمَ) أعدل منه (وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ) أبعدهم عن رحمته (بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) (٤٦) منهم كعبد الله بن سلام وأصحابه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا) من القرآن (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ) من التوراة (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً) نمحو ما فيها من العين والأنف والحاجب (فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) فنجعلها كالأقفاء لوحا واحدا (أَوْ نَلْعَنَهُمْ) نمسخهم قردة (كَما لَعَنَّا) مسخنا (أَصْحابَ السَّبْتِ) منهم (وَكانَ أَمْرُ اللهِ) قضاؤه (مَفْعُولاً) (٤٧) ولما نزلت أسلم عبد الله بن سلام فقيل كان وعيدا بشرط فلما أسلم بعضهم رفع وقيل يكون طمس ومسخ قبل قيام الساعة (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ) أي الإشراك (بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ) سوى (ذلِكَ) من الذنوب (لِمَنْ يَشاءُ) المغفرة له بأن يدخله الجنة بلا عذاب ومن شاء عذبه من المؤمنين بذنوبه ثم يدخله الجنة (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً) ذنبا (عَظِيماً) (٤٨) كبيرا (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ) وهم
____________________________________
قوله : (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) هذا جواب لو ، واسم التفضيل ليس على بابه ، ويحتمل أنه على بابه على حسب ما زعموا من أن حرصهم على الكفر يبقي لهم حظ الرياسة والدنيا التي يأخذونها من عوامهم وهو خير دنيوي. قوله : (إِلَّا قَلِيلاً) صفة الموصوف محذوف ، أي إلا فريا قليلا. قوله : (نمحو) أي نزيل ما فيها. قوله : (فقيل كان وعيدا بشرط) أي لأن رحمة الله تسبق غضبه ، والحاصل أنه اختلف في ذلك الوعيد ، هل كان معلقا ثم ارتفع ، وقيل إنه واقع لكن في آخر الزمان ، وقيل إنه واقع في الآخرة ، فيقومون من قبورهم ممسوخة صورهم ، ولا مانع من إرادتها كلها ، وليس في القرآن وعيد لأمة محمد بتعجيل العقوبة مثل هذا ، لأنهم بالغوا في الكفر وإيذاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقوله : (بشرط) أي وهو عدم إيمان أحد منهم ، ويؤيده ما روي أن عبد الله بن سلام لما قدم من الشام ، وقد سمع بهذه الآية أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل أن يأتي أهله وقال يا رسول الله وما كنت أرى أن أصل إليك حتى يتحول وجهي إلى قفاي ، وكذا ما روي أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية على كعب الأحبار ، فقال كعب الأحبار : يا رب آمنت يا رب أسلمت مخافة أن يصيبه وعيدها. قوله : (وقيل يكون) أي يحصل ، وقوله : (قبل قيام الساعة) أي زمن عيسى. قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) إن وما دخلت عليه في تأويل مصدر أشار له المفسر بقوله : (أي الإشراك) والمعنى أن الله لا يغفر للكافر إشراكا أو غيره ، فالمراد بالشرك الكفر ، لا الشرك الأصغر الذي هو الرياء ، فإنه من جملة الذنوب التي تغفر ، وهذا رد على اليهود ، حيث زعموا أن الشرك لا يضرهم لكون أجدادهم أنبياء ، وزعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه. قوله : (من الذنوب) بيان لما. قوله : (لِمَنْ يَشاءُ) (المغفرة له) أي إن مات من غير توبة ، وإلا فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له ، هذا معنى قول صاحب الجوهرة :
ومن يمت ولم يتب من ذنبه |
|
فأمره مفوّض لربّه |
والغالب المغفرة ، لأن فضل الله واسع ، ورحمته تغلب غضبه ، وكل ذلك ما لم يمت هديما أو غريقا أو مقتولا ظلما مثلا ، وإلا فيقوم ما ذكر مقام التوبة. قوله : (أَلَمْ تَرَ) كالدليل لما قبله. قوله : (وهم