الساعة كما ورد في الحديث (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ) عيسى (عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (١٥٩) بما فعلوه لما بعث إليهم (فَبِظُلْمٍ) أي فبسبب ظلم (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) هم اليهود (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) هي التي في قوله تعالى حرمنا كل ذي ظفر الآية (وَبِصَدِّهِمْ) الناس (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دينه صدا (كَثِيراً) (١٦٠) في التوراة (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) في التوراة (وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) بالرشا في الحكم (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٦١) مؤلما (لكِنِ الرَّاسِخُونَ) الثابتون (فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ) كعبد الله بن سلام (وَالْمُؤْمِنُونَ) المهاجرون والأنصار (يُؤْمِنُونَ بِما
____________________________________
ملائكة الموت) روي أن اليهودي إذا حضره الموت ضربت الملائكة وجهه ودبره وقالوا له : يا عدو الله أتاك عيسى نبيا فكذبت به ، فيقول آمنت بأنه عبد الله ورسوله ، ويقال للنصراني : أتاك عيسى نبيا فزعمت أنه الله وابن الله ، فيقول آمنت بأنه عبد الله ، فأهل الكتاب يؤمنون به ، ولكن لا ينفعهم إيمانهم لحصوله وقت معاينة العذاب. قوله : (أو قبل موت عيسى) هذا تفسير آخر وهو صحيح أيضا ، والمعنى أن عيسى حين ينزل إلى الأرض ما من أحد يكون من اليهود أو النصارى ، أو ممن يعبد غير الله إلا آمن بعيسى ، حتى تصير الملة كلها إسلامية. قوله : (شَهِيداً) أي فيشهد على اليهود بالتكذيب ، وعلى النصارى بأنهم اعتقدوا فيه أنه ابن الله.
قوله : (فَبِظُلْمٍ) الجار والمجرور متعلق بحرمنا والباء سببية. قوله : (هم اليهود) سموا بذلك لأنهم هادوا بمعنى تابوا ، ورجعوا عن عبادة العجل. قوله : (أُحِلَّتْ لَهُمْ) صفة لطيبات ، أي طيبات كانت حلال لهم ، فلما حرمت عليهم ، صاروا يقولون : لسنا بأول من حرمت عليه ، بل كانت حراما على من قبلنا! فرد الله عليهم بقوله : (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه) الآية. قوله : (وَبِصَدِّهِمْ) هذا تفصيل لبعض أنواع الظلم ، وكرر الجار للفصل بين العاطف والمعطوف بقوله : (حَرَّمْنا) ولم يكرره في قوله : (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ) لعدم الفاصل. قوله : (صدا) (كَثِيراً) أشار بذلك إلى أن كثيرا صفة لموصوف محذوف مفعول مطلق لقوله صدهم ، ويصح أن يكون المحذوف مفعولا به والتقدير خلقا كثيرا.
قوله : (وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ) الجملة حالية. قوله : (بالرشا في الحكم) جمع رشوة ، وهي ما يعطيه الشخص للحاكم ليحكم له؟ والمقصود من ذكر هذه الأمور الاتعاظ بها؟ وبيان أنها حرام في شرعنا أيضا ، ففي الحديث : «كل لحم نبت من السحت فالنار أولى به ، قالوا : وما السحت؟ قال : الرشوة في الحكم» فالحاكم لا يجوز له أن يأخذ شيئا على حكمه ، ومثله الضامن ، وذو الجاه ، والمقرض ، ففي الحديث : «ثلاثة لا تكون إلا لله : القرض ، والضمان ، والجاه». قوله : (مِنْهُمْ) أي وممن حذا حذوهم. قوله : (عَذاباً أَلِيماً) أي وهو الخلود في النار.
قوله : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ) استدراك على قوله : (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) والمعنى من كان من اليهود ، وفعل تلك الأفعال المتقدمة ، وأصر على الكفر ، ومات عليه ، أعتدنا لهم عذابا أليما ، وأما من كان من اليهود ، غير أنه رسخ في العلم ، وآمن وعمل صالحا ، فأولئك سنؤتيهم أجرا عظيما ، و (الرَّاسِخُونَ) مبتدأ ، و (فِي الْعِلْمِ) متعلق به ، وقوله : (مِنْهُمْ) متعلق بمحذوف حال من