(فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما) توقفونهما صفة آخران (مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ) أي صلاة العصر (فَيُقْسِمانِ) يحلفان (بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ) شككتم فيها ويقولان (لا نَشْتَرِي بِهِ) بالله (ثَمَناً) عوضا نأخذه بدله من الدنيا بأن نحلف به أو نشهد كذبا لأجله (وَلَوْ كانَ) المقسم له أو المشهود له (ذا قُرْبى) قرابة منه (وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ) التي أمرنا بها (إِنَّا إِذاً) إن كتمناها (لَمِنَ الْآثِمِينَ) (١٠٦) (فَإِنْ عُثِرَ) اطلع بعد حلفهما (عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أي فعلا ما يوجبه من خيانة أو كذب في الشهادة بأن وجد عندهما مثلا ما اتهما به وادعيا أنهما ابتاعاه من الميت أو وصى لهما به (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما) في توجه اليمين عليهما (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) الوصية وهم
____________________________________
سبب النزول فليشهد أو يوص آخرين ، وحاصله لأجل اتضاح المعنى ، أن بزيلا السهمي مولى عمرو بن العاص وقيل بديل بالدال ، وعدي بن بداء ، وتميما الداري ، سافروا من المدينة إلى الشام بتجارة ، فحضرت بزيلا السهمي الوفاة وكان مسلما ، وعدي وتميم نصرانيان ، فكتب متاعه في وثيقة ، ومن جملة ما كتب في الوثيقة : جام من الفضة قدره ثلثمائة مثقال مخوص بالذهب ، وأمرهما أن يسلما متاعه لورثته ، ثم قضي عليه ، ففتشا متاعه فوجدا ذلك الجام فأخذاه وباعاه بألف درهم ، فلما حضرا سلما متاعه لورثته فوجدوا فيه صحيفة مكتوبا فيها جميع المتاع ، ومن جملته جام من فضة ، ففتشوا عليه فلم يجدوه ، فجاؤوهما فقالوا لهما صاحبنا قد تمرض وأنفق على نفسه ، قالا لا ، قالوا : فهل باع من متاعه شيئا ، قالا : لا قالوا : فأين الجام؟ قالا : لا علم لنا به ، فارتفع أقارب بزيل إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخبروه بالواقعة ، فأحضر عديا وتميما فسألهما عنه فقالا : لا علم لنا به ، فنزلت الآية ، فأحضرهما بعد صلاة العصر عند المنبر وحلفهما ، ثم بعد ذلك ظهر الجام ، قيل بمكة مع رجل وقيل بيدهما ، فأخبروا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فنزلت الآيتان الأخيرتان ، فأحضر رسول الله عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة وحلفهما ، فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا ، فأعطي الجام لهما.
قوله : (إِنْ أَنْتُمْ) شرط في المعطوف ، وقوله أنتم فاعل بفعل محذوف يفسره قوله : (ضَرَبْتُمْ) فجملة ضربتم لا محل لها من الإعراب ، لأنهما مفسرة للمحذوف ، وقوله : (فَأَصابَتْكُمْ) معطوف على ضربتم. قوله : (صفة آخران) أي وجملة الشرط ، وجوابه معترضة بين الصفة والموصوف. قوله : (أي صلاة العصر) أي فأل للعهد لأن وقت العصر معظم في جميع الملل ، وإنما كان معظما لأنه وقت نزول ملائكة الليل وصعود ملائكة النهار. قوله : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) شرط في تحليفهما. قوله : (ويقولان) (لا نَشْتَرِي) الخ ، بيان لكيفية يمينهما. قوله : (بأن نحلف به أو نشهد الخ) أشار بذلك إلى قولين : قيل قالوا لا علم لنا به ، وقيل قالوا أوصى به لغيركم وأعطيناه له ، وسياق الآية في يمينهما يشهد للثاني. قوله : (كاذبا) المناسب كذبا.
قوله : (وَلا نَكْتُمُ) معطوف على لا نشتري. قوله : (بأن وجد عندهما) أي وقيل عند رجل مكي باعاه له بألف درهم كما سيأتي. قوله : (وادعيا أنهما ابتاعاه الخ) إشارة لوجهين في دعواهما ، وسيأتي الثالث في قوله ودفعه إلى شخص زعما أن الميت أوصى له به. قوله : (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ) أي لهم ونائب