نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ) من الرسل (وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) منهم (وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ) الكفر والإيمان (سَبِيلاً) (١٥٠) طريقا يذهبون إليه (أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) (١٥١) ذا إهانة هو عذاب النار (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) كلهم (وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ) بالنون والياء (أُجُورَهُمْ) ثواب أعمالهم (وَكانَ اللهُ غَفُوراً) لأوليائه (رَحِيماً) (١٥٢) بأهل طاعته (يَسْئَلُكَ) يا محمد (أَهْلُ الْكِتابِ) اليهود (أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) جملة كما أنزل على موسى تعنتا فإن استكبرت ذلك (فَقَدْ سَأَلُوا) أي آباؤهم (مُوسى أَكْبَرَ) أعظم (مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) عيانا (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) الموت عقابا لهم (بِظُلْمِهِمْ) حيث تعتنوا في السؤال (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ)
____________________________________
مثلا. قوله : (من الرسل) أي كموسى وعيسى. قوله : (وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) أي كمحمد. قوله : (طريقا يذهبون إليه) أي واسطة بين الإيمان والكفر ، وهو الإيمان ببعض الأنبياء والكفر ببعض. قوله : (مصدر مؤكد) أي وعامله محذوف ويقدر مؤخرا عن الجملة المؤكدة لها تقديره أحقه حقا ، نظير زيد أبوك عطوفا. قال ابن مالك :
وإن تؤكّد جملة فمضمر |
|
عاملها ولفظها يؤخّر |
ويصح أن يكون حالا من قوله : (هُمُ الْكافِرُونَ) أي حال كون كفرهم حقا أي لا شك فيه. قوله : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) مقابل قوله : (الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) وقوله : (وَلَمْ يُفَرِّقُوا) مقابل قوله : (وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا). قوله : (بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) أي في الإيمان بأن يؤمنوا بجميعهم. قوله : (بالنون والياء) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وعلى النون فيكون فيه التفات من الغيبة للتكلم ، لأن الاسم الظاهر من قبيل الغيبة.
قوله : (يَسْئَلُكَ) أي سؤال تعنت ذو عناد ، فلذا لم يبلغهم الله مرادهم ، ولو كان سؤالهم لطلب الاسترشاد لأجيبوا. قوله : (اليهود) أي أحبارهم. قوله : (أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) أي فقالوا إن كنت نبيا فائتنا بكتاب محرر بخط سماوي في ألواح كما نزلت التوراة. قوله : (تعنتا) مفعول لأجله أي فالحامل لهم على السؤال التعنت والعناد لا الاسترشاد ، وإلا لأجيبوا. قوله : (فإن استكبرت ذلك) قدره إشارة إلى أن قوله : (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى) جواب شرط محذوف ، والمعنى إن استعظمت سؤالهم ، فقد وقع من أصولهم ما هو أعظم من ذلك. قوله : (أي آباؤهم) أي وإنما نسب السؤال لهم لأنهم راضون بها فكأنها وقعت منهم. قوله : (فَقالُوا) تفسير لسألوا على حد توضأ فغسل وجهه. قوله : (عيانا) أي معاينين له ، وذلك أن موسى عليهالسلام اختار من قومه سبعين من بني إسرائيل ، فخرج معهم إلى الجبل ليستغفروا لقومهم حيث عبدوا العجل (فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً). قوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ) أي ثم أحيوا بعد ذلك حين قال موسى : رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي.
قوله : (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) ثم للترتيب الذكري الإخباري ، لأن عبادة العجل كانت قبل ذلك