(هذا) الذي وصيتكم به (صِراطِي مُسْتَقِيماً) حال (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) الطرق المخالفة له (فَتَفَرَّقَ) فيه حذف إحدى التاءين تميل (بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) دينه (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٣) (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ) التوراة وثم لترتيب الأخبار (تَماماً) للنعمة (عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) بالقيام به (وَتَفْصِيلاً) بيانا (لِكُلِّ شَيْءٍ) يحتاج إليه في الدين (وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ) أي بني إسرائيل (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) بالبعث (يُؤْمِنُونَ) (١٥٤) (وَهذا) القرآن (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ
____________________________________
قائلا قال : لأي شيء كلفنا بما تقدم؟ فقيل في الجواب : أن هذا صراطي مستقيما ، ثم أعلم أنه على قراءة التشديد ، فاسم الإشارة اسم أن وصراطي خبرها ، وعلى قراءة التخفيف فاسمها ضمير الشأن ، واسم الإشارة مبتدأ ، وصراطي خبره ، والجملة خبر إن ، ومستقيما حال من صراطي على كل حال. قوله : (وَأَنَّ هذا) يصح أن يرجع اسم الإشارة إلى ما تقدم من أول الربع أو من أول السورة. قوله : (صِراطِي مُسْتَقِيماً) أي ديني لا اعوجاج فيه ، فشبه الدين القويم بالصراط ، بمعنى الطريق بجامع أن كلا يوصل للمقصود ، واستعار اسم المشبه به للمشبه على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية.
قوله : (فَاتَّبِعُوهُ) أي اسلكوه ولا تحودوا عنه فتقعوا في الهلاك ، روى الدارقطني عن ابن مسعود قال : خط لنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما خطا ثم قال : هذا سبيل الله ، ثم خط خطوطا عن يمينه وخطوطا عن شماله ثم قال : هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليها ، ثم قرأ هذه الآية ، وفي رواية أنه خط خطا وخط خطين عن يمينه ، وخط خطين عن شماله ، ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال : هذا سبيل الله ثم تلا هذه الآية. قوله : (الطرق المخالفة) أي الأديان المباينة له ، فشبه الأديان الباطلة بالطرق المعوجة بجامع أن كلا يوصل صاحبه إلى المهالك ، واستعير اسم المشبه به للمشبه. قوله : (فَتَفَرَّقَ) بالنصب بأن مضمرة في جواب النهي.
قوله : (ذلِكُمْ) أي ما مر من اتباع دينه وترك غيره من الأديان. قوله : (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي تمتثلون المأمورات ، وتجتنبون المنهيات ، وأتى بالتقوى هنا ، لأن الصراط المستقيم جامع للتكاليف ، وقد أمر باتباعه ، ونهى عن الطرق المعوجة ، فناسب ذكر التقوى. قوله : (وثم لترتيب الأخبار) أي الترتيب في الذكر لا في الزمان ، وهو جواب عما يقال إن إيتاء موسى الكتاب ، كان قبل نزول القرآن ، فكيف يعطف بثم المفيدة للترتيب والتراخي؟ وأجيب أيضا : بأن ثم لمجرد العطف كالواو ، فلا ترتيب فيها ولا تراخي. قوله : (تَماماً) مفعول لأجله ، أي آتيناه الكتاب لأجل تمام النعمة الخ. قوله : (للنعمة) أي الدنيوية والأخروية.
قوله : (عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) متعلق بتماما ، ومعنى أحسن قام به الحسن وهو الصفات الجميلة ، وقوله : (بالقيام به) سبب لكونه قام به الحسن ، والمعنى تماما على المحسن منهم بسبب قيامه به ، أي اتباعه له ، وامتثاله مأموراته واجتنابه منهياته. قوله : (وَتَفْصِيلاً) عطف على : (تَماماً). قوله : (أي بني إسرائيل) أي المدلول عليهم بذكر موسى والكتاب. قوله : (بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) متعلق بيؤمنون ، قدم عليه للفاصلة.
قوله : (وَهذا كِتابٌ) مبتدأ وخبر ، وجملة (أَنْزَلْناهُ) نعت أول لكتاب ، و (مُبارَكٌ) نعت ثان