الْكِتابِ لَوْ) مصدرية (يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً) مفعول له كائنا (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) أي حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ) في التوراة (الْحَقُ) في شأن النبي (فَاعْفُوا) عنهم أي اتركوهم (وَاصْفَحُوا) أعرضوا فلا تجازوهم (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) فيهم من القتال (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٠٩) (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ) طاعة كصلة وصدقة (تَجِدُوهُ) أي ثوابه (عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (١١٠) فيجازيكم به (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً) جمع هائد (أَوْ نَصارى) قال ذلك يهود المدينة ونصارى نجران لما تناظروا بين يدي النبي صلىاللهعليهوسلم أي قال اليهود لن يدخلها إلا اليهود وقال النصارى لن يدخلها إلا النصارى (تِلْكَ) القولة (أَمانِيُّهُمْ) شهواتهم الباطلة (قُلْ) لهم (هاتُوا بُرْهانَكُمْ) حجتكم على ذلك (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١١١) فيه
____________________________________
إخوانا فلما رجعا أخبرا رسول الله بذلك فقال أصبتما الخير وأفلحتما فنزلت قوله : (وَدَّ كَثِيرٌ) من المودة وهي المحبة. قوله : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) أي وهم اليهود. قوله : (لَوْ) (مصدرية) فتسبك مع ما بعدها بمصدر مفعول ود ، التقدير ود كثير ردكم إلخ ، ورد تنصب مفعولين لأنها بمعنى صير مفعولها الأول الكاف والثاني كفارا ويصح أن تكون لو شرطية وجوابها محذوف تقديره فيسرون ويفرحون بذلك. قوله : (كائنا) أشار بذلك إلى أن قوله من عند أنفسهم متعلق بمحذوف صفة لحسدا ومن ابتدائية.
قوله : (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ) متعلق بود وما مصدرية أي من بعد تبين الحق لهم ، وهذا أبلغ قبيح منهم لأنهم عرفوا الحق فلم يهتدوا ، ومع ذلك وقعت المراودة لغيرهم على الضلال فقد ضلوا وأضلوا. قوله : (فَاعْفُوا) أي لا تؤاخذهم بهذه المقالة ، وقوله : (وَاصْفَحُوا) أي لا تلوموهم فبينهما مغايرة وقيل متحدان ، وعليه مشى المفسر ومعناهما عدم المؤخذة ، ولم يؤمر النبي وأصحابه بقتالهم مع أنهم ناقضون للعهد بتلك المقالة لأن الواقعة كانت بعد غزوة أحد فكان الأذن في القتال حاصلا ، فالجواب أن القتال المأذون فيه كان للمشركين ، وأما أهل الكتاب فلم يؤمروا بقتالهم إلا في غزوة أحد فكان الإذن في القتال حاصلا ، فالجواب أن القتال المؤذون فيه كان للمشركين ، وأما أهل الكتاب فلم يؤمروا بقتالهم إلا في غزوة الأحزاب ، قيل قبلها وقيل بعدها ، فقتل قريظة وأجلى بني النضير وغزا خيبر. قوله : (من القتال) أي الخاص بهم. قوله : (عِنْدَ اللهِ) العندية معنوية على حد لي عند زيد يد أي مصون ومحفوظ مدخر. قوله : (قال ذلك يهود المدينة إلخ) لف ونشر مرتب. قوله : (لما تناظروا) لما حينية ظرف لقالوا قوله : (لن يدخلها إلا اليهود) سميت اليهود بذلك لأنهم هادوا بمعنى رجعوا عن عبادة العجل ، وسميت النصارى بذلك لأنهم نصروا عيسى وهو جمع نصران أو نصرى.
قوله : (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ) مبتدأ وخبر وجمع الخبر مع كون المبتدأ مفردا لأنه جمع في المعنى لأنه عائد على القول وهي بمعنى المقالات. قوله : (هاتُوا) قيل هو اسم أمر وقيل فعل أمر وقيل اسم صوت ، والحق الوسط للحوق العلامة لها والمعنى أحضروا. قوله : (بُرْهانَكُمْ) قيل مأخوذ من البرهة أي القطعة لأن به قطع حجة الخصم وقيل من البرهن أي البيان ، فعلى الأول ممنوع من الصرف وعلى الثاني