والسلم فنزل (قُلْ) لهم (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) فليمت غيظا (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ) أي القرآن (عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ) بأمر (اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) قبله من الكتب (وَهُدىً) من الضلالة (وَبُشْرى) بالجنة (لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ) بكسر الجيم وفتحها بلا همز وبه بياء ودونها (وَمِيكالَ) عطف على الملائكة من عطف الخاص على العام وفي قراءة ميكائيل بهمز وياء وفي أخرى بلا ياء (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) (٩٨) أوقعه موقع لهم
____________________________________
(والسلم) أي الصلح. قوله : (فليمت غيظا) جواب لاسم الشرط الذي هو من وهو مبتدأ خبره قيل فعل الشرط وقيل جوابه وقيل هما ، وأما قوله تعالى : (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ) فلا يصح أن يكون جوابا للشرط لمانعين الأول عدم الرابط والثاني عدم تسبب الجواب عن الشرط ، وقوله لجبريل الصحيح أنه اسم أعجمي علم على رئيس الملائكة فلا اشتقاق فيه ولا تصرف ، وقيل مشتق من الجبروت وهو عالم الأسرار ، وقيل مركب إضافي وقيل مزجي والصحيح الأول ، وورد عن ابن عباس أن جبر معناه عبد وإيل معناه الله ، وميكا معنها عبد إيل معناه الله. قوله : (فَإِنَّهُ) أي جبريل. قوله : (أي القرآن) وقيل الوحي أعم من يكون قرآنا أو غيره. قوله : (عَلى قَلْبِكَ) عبر بعلى إشارة لتمكنه وانصبابه ورسوخه ، فإن الشيء إذا صب من أعلى لأسفل رسخ وثبت. قوله : (بأمر الله) أشار بذلك إلى أن المراد بالإذن الأمر لا العلم. قوله : (مُصَدِّقاً) حال من الضمير في نزله وكذلك قوله : (هُدىً وَبُشْرى). قوله : (بالجنة) أي وما فيها من النعيم ورؤية وجه الله الكريم قوله : (لِلْمُؤْمِنِينَ) أي ونذير للكافرين بالنار ، وهذا رد أول لكلام ابن صوريا ، حاصله أن جبريل لا اختيار له في إنزال العذاب ولا في إنزال القرآن.
قوله : (مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ) قدم لأنه المنشىء للأشياء جميعها ، وثنى بالملائكة لأنهم المرسلون من حضرته ، وثلث بالرسل لنزول الملائكة عليهم. قوله : (وَجِبْرِيلَ) خص وهو وميكائيل زيادة في التشنيع عليهم ولأن حياة الأرواح والأشباح بواسطتهما وتنبيها على أن عداوتهما خسران وضلال. قوله : (بكسر الجيم) أي على وزن قنديل. قوله : (وفتحها) أي على وزن شمويل. قوله : (وبه بياء ودونها) هذا في المفتوح وهو على وزن سلسبيل وجحمرش ، فجملة القراءات السبعية أربعة وهي من جملة لغات أنهاها بعضهم لثلاث عشرة ، خامسها فتح الجيم مع الهمزة واللام مشددة على أنها اسم من اسماء الله ، وفي بعض التفاسير لا يرقبون في مؤمن إلا أي الله ، سادسها فتح الجيم والف بعد الراء وهمزة مكسورة بعدها ، سابعها مثلها إلا أنها بياء بعد الهمزة ، ثامنها فتح الجيم وياءان بعد الألف من غير همزة ، تاسعها فتح الجيم وألف بعد الراء ولام ، عاشرها فتح الجيم وياء بعد الراء مكسورة ولام ، حادي عشرها فتح الجيم وياء بعد الراء ونون ، ثاني عشرها كذلك إلا أنها بكسر الجيم ، ثالث عشرها فتح الجيم والف بعد الراء وهمزة وياء ونون وأكثرها قرىء به شاذا. قوله : (من عطف الخاص على العام) والنكتة شرفهما وعظمهما وكون النزاع فيهما. قوله : (وفي أخرى بلا ياء فتكون القراءات السبعية ثلاثا بالهمزة والياء معا وبإسقاط الياء فقط وبإسقاطهما وهي من جملة لغاته السبع ، رابعها مثل بيكعيل ، خامسها كذلك إلا أنه لا ياء بعد الهمزة مثل بيكعل ، سادسها بياءين بعد الألف سابعها بهمزة مفتوحة بعد الألف وقرىء بالجميع شاذا.
قوله : (فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ) هذا هو جواب الشرط ، والرابط موجود وهو الإسم الظاهر لقيامه