مِنْ) زائدة (وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ) عطف على ورقة (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٥٩) هو اللوح المحفوظ والاستثناء بدل اشتمال من الاستثناء قبله (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) يقبض أرواحكم عند النوم (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ) كسبتم (بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ) أي النهار برد أرواحكم (لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) هو أجل الحياة (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) بالبعث (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٦٠) فيجازيكم به (وَهُوَ الْقاهِرُ) مستعليا (فَوْقَ عِبادِهِ
____________________________________
قوله : (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ) أي من الشجر إلا يعلمها ، أي وقت سقوطها والأرض التي تسقط عليها. قوله : (وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ) أي هي والتي يضعها والزارع للنبات فيعلم موضعها وهل تنبت أو لا ، وقيل المراد بالحبة التي في الصخرة التي في الأرض التي قال فيها الله يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله وكل صحيح. قوله : (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ) عطف عام ، لأن جميع الأشياء إما رطبة أو يابسة. فإن قلت : إن جميع هذه الأشياء داخل تحت قوله وعنده مفاتح الغيب ، فلم أفردها بالذكر؟ أجيب : بأنه من التفصيل بعد الإجمال ، وقدم ذكر البر والبحر لما فيهما من جنس العجائب ثم الورقة لأنه يراها كل أحد ، لكن لا يعلم عددها إلا الله ، ثم ما هو أضعف من الورقة وهو الحبة ، ثم ذكر مثالا يجمع الكل وهو الرطب واليابس. قوله : (عطف على ورقة) أي الثلاثة معطوفة على ورقة ، لكن لا يناسب تسليط السقوط عليها فيضمن السقوط بالنسبة للحبة والرطب واليابس معنى الثبوت. قوله : (بدل اشتمال من الاستثناء قبله) أي وهو قوله إلا يعلمها ، وذلك لأن دائرة العلم أوسع من دائرة اللوح ، فذات الله وصفاته أحاط بها العلم لا اللوح ، والكائنات وما يتعلق بها أحاط بها اللوح والعلم ، وهذا على أن المراد بالكتاب اللوح كما أفاده المفسر ، وإن أريد بالكتاب علم الله يكون بدل كل من كل لزيادة التأكيد والإيضاح. قوله : (يقبض أرواحكم) ما ذكره المفسر بناء على أن الإنسان له روحان ، روح تقبض بالنوم وتبقى روح الحياة فإذا أراد الله موته قبضهما جميعا وعليه جملة من المفسرين ويشهد له آية الزمر ، قال تعالى : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) الآية ، ويقرب هذا أحوال الأولياء لأن لهم حالة تسرح فيها أرواحهم وترى العجائب كالنائم ، والمشهور أنها روح واحدة ، ويكون معنى يتوفاكم يذهب شعوركم لأنهم عرفوا النوم بأنه فترة طبيعية تهجم على الشخص قهرا عليه ، تمنع حواسه الحركة وعقله الإدراك. قوله : (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) أي لأنه الخالق للأفعال والحركات والسكنات ، فهو المغير للأشياء ولا يتغير ، قال العارف :
ولي في خيال الظل أكبر عبرة |
|
لمن كان في بحر الحقيقة راقي |
شخوص وأشكال تمر وتنقضي |
|
فتفنى جميعا والمحرك باقي |
قوله : (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ) ثم في كل للترتيب الرتبي ، لأن بعد النوم البعث بالإيقاظ إلى انقضاء الأجل ثم بعده البعث بالإحياء من القبور ثم الإخبار بما وقع من العباد. قوله : (لِيُقْضى أَجَلٌ) الجمهور على بناء يقضى للمجهول ، وأجل نائب فاعل والفاعل محذوف إما عائد على الله أو على الشخص ، ومعنى قضاء الشخص أجله استيفاؤه إياه ، وقرىء بالبناء للفاعل ، وأجلا مفعوله ، والفاعل مستتر عائدة على الله. قوله : (فيجازيكم به) أي إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر. قوله : (وَهُوَ الْقاهِرُ) أي المستعلي الغالب على