سَبِيلاً) (١٣٧) طريقا إلى الحق (بَشِّرِ) أخبر يا محمد (الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٣٨) مؤلما هو عذاب النار (الَّذِينَ) بدل أو نعت للمنافقين (يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) لما يتوهمون فيهم من القوة (أَيَبْتَغُونَ) يطلبون (عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ) استفهام إنكاري أي لا يجدونها عندهم (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (١٣٩) في الدنيا والآخرة ولا ينالها إلا أولياؤه (وَقَدْ نَزَّلَ) بالبناء للفاعل والمفعول (عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) القرآن في سورة الأنعام (أَنْ) مخففة واسمها محذوف أي أنه (إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ) القرآن (يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ) أي الكافرين والمستهزئين (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً) إن قعدتم معهم (مِثْلُهُمْ) في الإثم (أَنْ
____________________________________
منصوب بأن مضمرة بعد هذه اللام لأنها لام الجحود ، والفعل تأويل مصدر مفعول لمريد التقدير لم يكن الله مريدا غفران كفرهم.
قوله : (بَشِّرِ) البشارة في الأصل هي الخبر السار ، سمي بذلك لأنه يغير البشرة أي الجلدة. قوله : (أخبر) أشار بذلك إلى أن المراد بالبشارة هنا مطلق الإخبار ، وسماه بشارة تهكما بها وإشارة إلى أن وعيدهم بالعذاب لا يخلف ، كما أن وعيد المؤمن بالخير لا يخلف ، وفي الكلام استعمل تبعية ، حيث شبهت النذارة بالبشارة ، واستعير اسم المشبه به للمشبه ، واشتق من البشارة بشر بمعنى أنذر ، والجامع التأثر في كل ، لأن من سمع الخبر الضار تأثّر به ، ومن سمع الخبر السار تأثر به. قوله : (الْمُنافِقِينَ) أي وهم الذين يسرون الكفر ، ويظهرون الإسلام ، والنفاق قسمان : عملي واعتقادي. فالعملي أشار له صلىاللهعليهوسلم بقوله : «إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان». والاعتقادي هو إظهار الإسلام وإخفاء الكفر. قوله : (أَوْلِياءَ) أي أصحابا يوالونهم ويستعزون بهم ، لزعمه أن الكفار لهم اليد العليا ، وأن الإسلام سيهدم لقلة أهله. قوله : (استفهام إنكاري) أي بمعنى النفي. قوله : (إلا أولياءه) أي المؤمنون ، قال تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ).
قوله : (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ) أي يا أيها المؤمنون ، والذي نزل هو قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) وهذا نزل بمكة ، لأن المشركين كانوا يخوضون في القرآن يستهزؤون به ، فلما هاجر النبي صلىاللهعليهوسلم إلى المدينة ، صار اليهود يفعلون مثل المشركين وكان المنافقون يجلسون إليهم ، ويسمعون منهم الخوض ، ويستهزؤون معهم ، فنهى الله تعالى المؤمنين عن مجالستهم والقعود معهم. قوله : (بالبناء للفاعل) أي والفاعل ضمير يعود على الله تعالى ، وأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر مفعوله وهذا على كونه مشددا ، وقرىء بالبناء للفاعل مخففا ، فأن وما دخلت عليه في تأويل مصدر فاعل ، وقوله : (والمفعول) أي مشددا ، وأن ما دخلت عليه في تأويل مصدر نائب فاعل.
قوله : (يُكْفَرُ بِها) أي إما من غير استهزاء وهو الواقع من المشركين واليهود ، أو مع الاستهزاء وهو الواقع من المنافقين. قوله : (أي الكافرين) أي كالمشركين واليهود ، وقوله : (والمستهزئين) أي وهم المنافقون ، وسموا مستهزئين لقولهم : (إذا خلوا بشياطينهم إنا معكم إنما نحن مستهزؤون). قوله : (فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) أي غير الحديث المتقدم من الكفر والاستهزاء قوله : (إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) أي مشاركون لهم في الإثم ، قال بعضهم :