الذي نراه (باطِلاً) حال عبثا بل دليلا على كمال قدرتك (سُبْحانَكَ) تنزيها لك عن العبث (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) (١٩١) (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ) للخلود فيها (فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) أهنته (وَما لِلظَّالِمِينَ) الكافرين فيه وضع الظاهر موضع المضمر إشعارا بتخصيص الخزي بهم (مَنْ) زائدة (أَنْصارٍ) (١٩٢) يمنعونهم من عذاب الله تعالى (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي) يدعو الناس (لِلْإِيمانِ) أي إليه وهو محمد أو القرآن (أَنْ) أي بأن (آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا) به (رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ) غط (عَنَّا سَيِّئاتِنا) فلا تظهرها بالعقاب عليها (وَتَوَفَّنا) اقبض أرواحنا (مَعَ) في جملة (الْأَبْرارِ) (١٩٣) الأنبياء والصالحين (رَبَّنا وَآتِنا) أعطنا (ما وَعَدْتَنا) به (عَلى) ألسنة (رُسُلِكَ) من الرحمة والفضل وسؤالهم ذلك وإن كان وعده تعالى لا يخلف سؤال أن يجعلهم من
____________________________________
فثمرة الفكر الإستدلال والمعرفة بالله. قوله : (حال) أي من قوله : (هذا) وهذه الحال لا يستغنى عنها فهي واجبة الذكر كقوله تعالى : (وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ).
قوله : (سُبْحانَكَ) مصدر منصوب بفعل محذوف وجوبا تقديره أسبح سبحانك ، وهذه الجملة معترضة بين قوله : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) وبين قوله : (فَقِنا عَذابَ النَّارِ). قوله : (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) هذا متسبب عن قوله : (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً) أي فحيث وحدناك ونزهناك عن النقائض فقنا عذاب النار ، لأن النار جزاء من عصى ولم يوحد.
قوله : (إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ) إلخ هذا علة لما قبله ، والمعنى إنما طلبنا الوقاية من عذاب النار ، لأن من أدخلته النار فقد أخزيته. قوله : (للخلود فيها) جواب عن سؤال مقدر تقديره أن قوله تعالى : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) يقتضي أن جميع المؤمنين غير مخزيين ، مع أن بعض العصاة منهم يدخل النار تطهيرا لما اقترفه ، وهذه الآية تدل على أن من دخل النار مخزي وإن مؤمنا. فأجاب المفسر بحمل هذه الآية على الكفار. قوله : (زائدة) أي للتوكيد في المبتدأ المؤخر ، وقوله : (لِلظَّالِمِينَ) خبر مقدم. قوله : (مُنادِياً) أي داعيا وهو على حذف مضاف أي نداء مناد قوله : (يُنادِي) صفة لمناديا على الصحيح ، خلافا لمن جعله مفعولا ثانيا لسمع لأنه لا تنصب إلا مفعولا واحدا على الصحيح. قوله : (وهو محمد) أي فإسناد النداء إليه حقيقي ، وقوله : (أو القرآن) أي فإسناد النداء إليه مجازي ، والمعنى منادى به.
قوله : (أَنْ آمِنُوا) أن تفسيرية ، وقوله : (بِرَبِّكُمْ) أي صدقوا بأنه يجب له كل كمال ، ويستحيل عليه كل نقص. قوله : (فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا) أي استرها عن أعين الخلق ، وقوله : (وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا) أي غطها عنا فلا تؤاخذنا بها وامحها من المصحف ، وهو ترقي عظيم في طلب المغفرة ، فهو من عطف الخاص على العام. قوله : (بالعقاب عليها) أي ولا بالعتاب عليها.
قوله : (وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ) أي احشرنا معهم واجعلنا في زمرتهم ، والمراد بالأبرار المطهرون الذين لم يفعلوا ذنوبا. قوله : (وَآتِنا) معطوف على محذوف ، تقديره حقق لنا ما ذكروا (وَآتِنا). قوله : (من الرحمة والفضل) بيان لما. قوله : (وسؤالهم ذلك) أشار بذلك إلى سؤال وارد حاصله أن يقال إن وعد الله لا يتخلف قال تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) فلا فائدة في