تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) في دفعها (أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) من الكفر ولو أراده لكان (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) ذل بالفضيحة والجزية (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٤١) هم (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) بضم الحاء وسكونها أي الحرام كالرشا (فَإِنْ جاؤُكَ) لتحكم بينهم (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) هذا التخيير منسوخ بقوله وأن احكم بينهم الآية فيجب الحكم بينهم إذا ترافعوا إلينا وهو أصح قولي الشافعي فلو ترافعوا إلينا مع مسلم وجب إجماعا (وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ) بينهم (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) بالعدل (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (٤٢) العادلين في الحكم أي يثيبهم (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللهِ) بالرجم استفهام تعجيب أي لم يقصدوا بذلك معرفة الحق بل ما هو أهون عليهم (ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ) يعرضون عن حكمك بالرجم الموافق لكتابهم (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) التحكيم (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) (٤٣) (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً) من الضلالة (وَنُورٌ) بيان للأحكام (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) من بني إسرائيل (الَّذِينَ أَسْلَمُوا) انقادوا لله (لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ)
____________________________________
أي في الواقع وليس المراد أنهم يقولون لهم ذلك ، بل التحريف واقع من الأحبار سرا. قوله : (فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئاً) فيه رد على المعتزلة القائلين بأن العبد يخلق أفعال نفسه. قوله : (ذل بالفضيحة) أي للمنافقين بظهور نفاقهم بين المسلمين ، وقوله : (والجزية) أي لليهود.
قوله : (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) خبر لمحذوف قدره المفسر بقوله هم وكرره تأكيدا. قوله : (بضم الحاء وسكونها) أي فهما قراءتان سبعيتان ، وسمي سحتا لأنه يسحت البركة أي يمحقها ويذهبها. قوله : (كالرشا) أي والربا. قوله : (أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) أي بأن تردهم لأهل دينهم. قوله : (منسوخ الخ) وليس في هذه السورة منسوخ إلا هذا ، وقوله : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ). قوله : (وهو أصح قولي الشافعي) أي ومقابله التخيير باق وليس بمنسوخ ، وهو مشهور مذهب مالك. قوله : (مع مسلم) أي بأن كانت الدعوى بين مسلم وكافر. قوله : (وجب إجماعا) أي بإجماع الأئمة. قوله : (فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً) أي لأن الله عاصمك وحافظك من الناس. قوله : (وَعِنْدَهُمُ) خبر مقدم ، و (التَّوْراةُ) مبتدأ مؤخر ، والجملة حال من الواو في (يُحَكِّمُونَكَ). قوله : (استفهام تعجيب) أي إيقاع للمخاطب في العجب. قوله : (بل ما هو أهون عليهم) أي وهو الجلد. قوله : (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) أي لا بكتابهم لإعراضهم عنه وتحريفه ، ولا بك لعدم الانقياد لك في أحكامك. قوله : (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ) كلام مستأنف مسوق لبيان فضل التوراة ، وأنها كتاب عظيم كله هدى ونور. قوله : (فِيها هُدىً) أي لمن أراد الله هدايته ، وأما من أراد الله شقاوته فلا تنفعه التوراة ولا غيرها ، قال البوصيري :
وإذا ضلت العقول على عل |
|
م فماذا تقوله النصحاء |
قوله : (وَنُورٌ) في الكلام استعارة مصرحة ، حيث شبهت الأحكام بالنور بجامع الاهتداء في كل ، واستعير اسم المشبه به للمشبه ، وحيث أريد بالنور الأحكام ، فالمراد بالهدى التوحيد ، فالعطف مغاير. قوله : (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ) كلام مستأنف لبيان المنتفع بالتوراة ، وهم الأنبياء والعلماء والمراد بالأنبياء ما