ببعض (تِلْكَ) أي هذه الآيات (آياتُ اللهِ نَتْلُوها) نقصها (عَلَيْكَ) يا محمد (بِالْحَقِ) بالصدق (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٢٥٢) التأكيد وغيرها رد لقول الكفار له لست مرسلا (تِلْكَ) مبتدأ (الرُّسُلُ) صفة ، والخبر (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) بتخصيصه بمنقبة ليست لغيره (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) كموسى (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ) أي محمدا (دَرَجاتٍ) على غيره بعموم الدعوة وختم النبوة وتفضيل أمته على سائر الأمم والمعجزات المتكاثرة والخصائص العديدة (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ) قويناه (بِرُوحِ الْقُدُسِ) جبريل يسير معه حيث سار (وَلَوْ شاءَ اللهُ) هدى
____________________________________
ونصر داود على جالوت. قوله : (هذه الآيات) أي فالإشارة عائدة على ما تقدم من أول الربيع إلى آخره لما فيه من عظيم العجائب والإشارة في الآية للبعد نظرا لبعد زمن تلك القصة ، وإنما فسره بالقريب نظرا للفظ الدال عليها ، فأفاد المفسر أنه يصح إرادة المعنيين ، فلا مخالفة بين إشارة الآية وإشارة المفسر. قوله : (بالصدق) أي الذي لا يحتمل النقيض. قوله : (وغيرها) أي وهي اللام والجملة الأسمية.
قوله : (تِلْكَ الرُّسُلُ) اسم الإشارة عائد على الرسل المذكورين من أول السورة إلى هنا أو على المذكورين بلصقها ، وأتى بالإشارة البعيدة نظرا لبعد زمنهم أو لبعد رتبتهم وعلوها عند الله. قوله : (صفة) أي أو عطف بيان أو بدل لأن المحلى بأل بعد اسم الإشارة يجوز فيه الثلاثة. قوله : (بتخصيصه بمنقبه) أي بصفة الكمال وذلك بفضل الله لا بصفة قائمة بذاته بحيث تقتضي التخصيص بالمناقب لذاته ، قال تعالى : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء. قوله : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) بيان للتفضيل ، وقوله : (كلم الله) أي كلمة الله بغير واسطة. قوله : (كموسى) أي في الطور ليلة الإسراء ، وإنما لم يشتهر بالكلام لأنه حاز منصبا أشرف من المكالمة وهي الرؤية. قوله : (أي محمدا) مثل هذا التفسير لا يقال من قبل الرأي بل هو الوارد ، وقد أشار لذلك العارف بقوله :
وإن ذكروا نجي الطور فاذكر |
|
نجي العرش مفتقرا لتغنى |
فإن الله كلم ذاك وحيا |
|
وكلم ذا مشافهة وأدنى |
وإن قابلت لفظة لن تراني |
|
بما كذب الفؤاد فهمت معنى |
فموسى خر مغشيا عليه |
|
وأحمد لم يكن ليزيغ ذهنا |
قوله : (بعموم الدعوة) أي لجميع المخلوقات حتى الجمادات والملائكة والجن ، ولا يرد حكم سليمان في الجن فإنه حكم سلطنة لا رسالة. قوله : (وختم النبوة) أي فلا نبي بعده تبتدأ رسالته ويلزم من ذلك نسخ شرعه. قوله : (وتفضيل أمته على سائر الأمم) قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) وأما قوله تعالى في حق بني إسرائيل : (وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) فالمراد عالمو زمانهم. قوله : (والمعجزات المتكاثرة) أي الكثيرة التي لا تحصى بحد ولا عد ، قال العارف البوصيري :
إنما فضلك الزمان وآيا |
|
تك فيما نعده الآناء |
قوله : (والخصائص العديدة) أي كالحوض المورود والمقام المحمود والوسيلة وغير ذلك قوله : (الْبَيِّناتِ) أي كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص. قوله : (يسير معه حيث سار) أي من مبدأ خلقه لأن خلقه كان