اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) (١٤٠) كما اجتمعوا في الدنيا على الكفر والاستهزاء (الَّذِينَ) بدل من الذين قبله (يَتَرَبَّصُونَ) ينتظرون (بِكُمْ) الدوائر (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ) ظفر وغنيمة (مِنَ اللهِ قالُوا) لكم (أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ) في الدين والجهاد فاعطونا من الغنيمة (وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ) من الظفر عليكم (قالُوا) لهم (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ) نستول (عَلَيْكُمْ) ونقدر على أخذكم وقتلكم فأبقينا عليكم (وَ) ألم (نَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أن يظفروا بكم بتخذيلهم ومراسلتكم بأخبارهم فلنا عليكم المنة قال تعالى (فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) وبينهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) بأن يدخلكم الجنة ويدخلهم النار (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) (١٤١) طريقا بالاستئصال (إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللهَ) بإظهارهم خلاف ما أبطنوه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية (وَهُوَ خادِعُهُمْ) مجازيهم على خداعهم فيفتضحون في الدنيا باطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة (وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ) مع المؤمنين (قامُوا كُسالى) متثاقلين
____________________________________
وسمعك صنّ عن سماع القبيح |
|
كصون اللّسان عن النّطق به |
فإنّك عند سماع القبيح |
|
شريك لقائله فانتبه |
قوله : (في الإثم) أي كفر أو غيره ، فالراضي بالكفر كافر ، والراضي بالمحرم عاص ، وبالجملة فجليس الطائع مثله ، وجليس العاصي مثله. قوله : (إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ) الخ ، هذا كالعلة والدليل لقوله : (إِذاً مِثْلُهُمْ). قوله : (من الذين قبله) أي وهو قوله : (الذين يتخذون الكافرين أولياء) والأحسن أنه نعت ثان للمنافقين. قوله : (فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ) أي بأن كانت الغلبة للمؤمنين ، والخذلان للكفار. قوله : (من الظفر عليكم) أي كما وقع في أحد. قوله : (أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ) الاستحواذ الاقتدار والاستيلاء. قوله : (فأبقينا عليكم) أي رفقنا بكم ورحمناكم. قوله : (فلنا عليكم المنة) أي فأعطونا نصيبا من الدنيا ، فهم لا حظ لهم غير أخذ المال. قوله : (بالاستئصال) دفع بذلك ما يقال إن الكفار بالمشاهدة لهم سبيل على المؤمنين في الدنيا ، فأجاب المفسر : بأن معنى ذلك أن الكفار لا يستأصلون المؤمنين ويجاب أيضا : بأن المراد في القيامة فلا يطالبونا بشيء يوم القيامة ، أو المراد سبيلا بالشرع ، فإن شريعة الإسلام ظاهرة إلى يوم القيامة ، فمن ذلك أن الكافر لا يرث المسلم ، وليس له أن يملك عبدا مسلما ، ولا يقتل المسلم بالذمي.
قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) أي رسوله ، وهذا بيان لبعض قبائحهم. قوله : (بإظهارهم خلاف ما أبطنوه) أي من إظهار الإيمان وإخفاء الكفر. قوله : (فيفتضحون في الدنيا) أي يفتضحون في الآخرة أيضا لما روي أنه يوم القيامة حين يمتاز الكفار من المؤمنين ، تبقى هذه الأمة وفيها منافقوها فيتجلى الله لهم ، فيخرّ المؤمنون سجدا ، والمنافقون يصير ظهورهم طبقا ، فلا يستطيعون السجود ، وروي أنهم يعطون على الصراط نورا كما يعطى المؤمنون ، فيمضون بنورهم ثم يطفأ نورهم ، ويبقى نور المؤمنين فينادون المؤمنين : انظرونا نقتبس من نوركم ، وهو معنى قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) الآية. قوله : (كُسالى) أي لعدم الداعية في قلوبهم وهو نصب على الحال ، والكسل