أن يتركوا (مِنْ خَلْفِهِمْ) أي بعد موتهم (ذُرِّيَّةً ضِعافاً) أولادا صغارا (خافُوا عَلَيْهِمْ) الضياع (فَلْيَتَّقُوا اللهَ) في أمر اليتامى وليأتوا إليهم ما يحبون أن يفعل بذريتهم من بعدهم (وَلْيَقُولُوا) للميت (قَوْلاً سَدِيداً) (٩) صوابا بأن يأمروه أن يتصدق بدون ثلثه ويدع الباقي لورثته ولا يتركهم عالة (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً) بغير حق (إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ) أي ملئها (ناراً) لأنه يؤول إليها (وَسَيَصْلَوْنَ) بالبناء للفاعل والمفعول يدخلون (سَعِيراً) (١٠) نارا شديدة يحترقون فيها (يُوصِيكُمُ) يأمركم (اللهُ فِي) شأن (أَوْلادِكُمْ) بما يذكر (لِلذَّكَرِ) منهم (مِثْلُ حَظِّ) نصيب (الْأُنْثَيَيْنِ) إذا اجتمعتا معه فله نصف المال ولهما النصف فإن كان معه واحدة فلها الثلث وله الثلثان وإن انفرد حاز المال (فَإِنْ كُنَ) أي الأولاد (نِساءً) فقط (فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) الميت وكذا الاثنتان لأنه للأختين بقوله فلهما الثلثان مما ترك فهما أولى
____________________________________
فتركوا فعل الشرط. قوله : (خافُوا) جوابه ، وقوله : (فَلْيَتَّقُوا) مرتب عليه. قوله : (خافُوا عَلَيْهِمْ) (الضياع) إن قلت : ما ذنب اليتيم حتى يعاقب بالضياع؟ أجيب بأن ذلك تعذيب لأبيه ، لأن ما يؤذي الحي يؤذي الميت ، وليس تعذيبا لهم ، بل قد يكون رفعة لهم إن اتقوا الله. قوله : (وليأتوا إليهم ما يحبون الخ) أي يفعلوا بهم ما يحبون أن يفعل بذريتهم بعد موتهم. قوله : (للميت) ويحتمل أن يكون لليتامى ، بأن يقولوا لهم لا تخافوا ولا تحزنوا ، فنحن مثل آبائكم. قوله : (ولا يتركهم عالة) أي فقراء يتكففون وجوه الناس.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ) نزلت في حق رجل من غطفان ، مات أخوه وترك ولدا يتيما فأكل عمه ماله ، والمعنى يتلفون أموالهم ، فالتعبير بالأكل عن الإتلاف مجاز. قوله : (ظُلْماً) يحتمل أن يكون مفعولا لأجله ، أي لأجل الظلم ، ويحتمل أن يكون حالا من يأكلون ، أي حال كون الأكل ظلما. قوله : (إِنَّما يَأْكُلُونَ) هذه الجملة خبر إن الأول ، والتعبير بالأكل مجاز باعتبار ما يؤول إليه أو المعنى يأكلون بسبب النار. قوله : (بالبناء للفاعل والمفعول) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (نارا شديدة) أشار بذلك إلى أنه ليس المراد خصوص الطبقة المسماة بذلك ، لأنها لعباد الوثن خاصة وربما مات آكل مال اليتيم مسلما. والحاصل : أنه تارة تطلق تلك الأسماء على ما يعم جميع الطبقات وتارة تطلق على مسمياتها خاصة. قوله : (يحترقون فيها) أي إن لم يتوبوا. روي أن آكل مال اليتيم يبعث يوم القيامة ، والدخان يخرج من قبره ومن فمه وأنفه وأذنيه وعينيه فيعرف الناس أنه كان يأكل مال اليتيم في الدنيا.
قوله : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ) هذا شروع في تفصيل ما أجمل أولا في قوله : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) الخ ، قوله : (يأمركم) أي على سبيل الوجوب. قوله : (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) هذا كلام مستأنف واقع في جواب سؤال مقدر ، قوله : (فله نصف المال الخ) أي إن لم يكن معهم صاحب فرض ، وإلا فيأخذ فرضه ، ثم الباقي يقسم مثل حظ الأنثيين.
قوله : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً) إن حرف شرط ، وكن فعل الشرط ، ونساء خبركن ، واسمها النون ، وفوق (اثْنَتَيْنِ) صفة لنساء ، وقوله : (فَلَهُنَ) جواب الشرط. قوله : (أي الأولاد) أي بعضهم ، ففي الكلام