طاعة أي لا تنفعها توبتها كما في الحديث (قُلِ انْتَظِرُوا) أحد هذه الأشياء (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) (١٥٨) ذلك (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) باختلافهم فيه فأخذوا بعضه وتركوا بعضه (وَكانُوا شِيَعاً) فرقا في
____________________________________
أن المعطوف في الحقيقة محذوف هو معطوف على المنفي. قوله : (كما في الحديث) روي عن صفوان بن عسال المرادي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «باب من قبل المغرب ، مسيرة عرضه أربعون أو سبعون سنة ، خلقه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض مفتوحا للتوبة ، لا يغلق حتى تطلع الشمس منه». وورد أن من الاشراط العظام ، طلوع الشمس من مغربها ، وخروج دابة الأرض ، وهذان أيهما سبق الآخر ، فالآخر على أثره». وورد «صبيحة تطلع الشمس من مغربها ، يصير في هذه الأمة قردة وخنازير ، وتطوى الدواوين ، وتجف الأقلام ، لا يزاد في حسنة ، ولا ينقص من سيئة ، ولا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، أو كسبت في إيمانها خيرا». وورد «لا تزال الشمس تجري من مطلعها إلى مغربها ، حتى يأتي الوقت الذي جعله الله غاية لتوبة عباده ، فتستأذن الشمس من أين تطلع ، ويستأذن القمر من أين يطلع ، فلا يؤذن لهما ، فيحبسان مقدار ثلاث ليال للشمس ، وليلتين للقمر ، فلا يعرف مقدار حبسهما إلا قليل من الناس ، وهم أهل الأوراد وحملة القرآن ، فينادي بعضهم بعضا ، فيجتمعون في مساجدهم بالتضرع والبكاء والصراخ بقية تلك الليلة ، ثم يرسل الله جبريل إلى الشمس والقمر ، فيقول إن الرب تعالى يأمركما أن ترجعا إلى مغاربكما فتطلعا منه لا ضوء لكما عندنا ولا نور ، فتبكي الشمس والقمر من خوف يوم القيامة وخوف الموت ، فترجع الشمس والقمر فيطلعان من مغربهما ، فبينما الناس كذلك يتضرعون إلى الله ، والغافلون في غفلاتهم ، إذ نادى مناد : ألا إن باب التوبة قد أغلق ، والشمس والقمر قد طلعا من مغاربهما فينظر الناس وإذا بهما أسودين كالعكمين ، أي الغرارتين العظميتين ، لا ضوء لهما ولا نور ، فذلك قوله : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) فيرتفعان مثل البعيرين المقرنين ، ينازع كل منهما صاحبه استباقا ، ويتصايح أهل الدنيا ، وتذهل الأمهات عن أولادها ، وتضع كل ذات حمل حملها ، فأما الصالحون والأبرار ، فإنهم ينفعهم بكاؤهم يومئذ ، ويكتب لهم عبادة ، وأما الفاسقون والفجار ، فلا ينفعهم بكاؤهم يومئذ ، ويكتب عليهم حسرة ، فإذا بلغت الشمس والقمر وس ط السماء ، جاءهما جبريل فأخذ بقرونهما فردهما إلى المغرب ، فيغربهما في باب التوبة ، ثم يرد المصراعين فيلتئم ما بينهما وتصيران كأنهما لم يكن فيهما صدع ولا خلل ، فإذا أغلق باب التوبة ، لم يقبل لعبد بعد ذلك توبة ، ولا تنفعه حسنة يعملها بعد ذلك إلا ما كان قبل ذلك ، فإنه يجري لهم». وورد : «أن الدنيا تمكث بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة ، يتمتع المؤمنون فيها أربعين سنة ، لا يتمنون شيئا إلا أعطوه ، ثم يعود فيهم الموت ويسرع ، فلا يبقى مؤمن ، ويبقى الكفار يتهارجون في الطرق كالبهائم ، حتى ينكح الرجل المرأة في وسط الطريق ، يقوم واحد عنها وينزل واحد ، وأفضلهم من يقول لو تنحيتم عن الطريق لكان أحسن ، فيكونون على مثل ذلك ، حتى لا يولد لأحد من نكاح ، ثم يعقم الله النساء ثلاثين سنة ، ويكون كلهم أولاد زنا ، شرار الناس عليهم تقوم الساعة. قوله : (قُلِ انْتَظِرُوا) أمر تهديد على حد اعملوا ما شئتم.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) الأقرب كما قال المفسر ، أنها نزلت في اليهود والنصارى لما ورد : قام فينا رسول الله فقال : «ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ، اثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة وهي الجماعة ، وفي رواية :