مُؤْمِنِينَ) (٢٧٨) صادقين في إيمانكم فإن من شأن المؤمن امتثال أمر الله تعالى. نزلت لما طالب بعض الصحابة بعد النهي بربا كان له قبل (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) ما أمرتم به (فَأْذَنُوا) أعلموا (بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) لكم. فيه تهديد شديد لهم ، ولما نزلت قالوا لا يدي لنا بحربه (وَإِنْ تُبْتُمْ) رجعتم عنه (فَلَكُمْ رُؤُسُ) أصول (أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ) بزيادة (وَلا تُظْلَمُونَ) (٢٧٩) بنقص (وَإِنْ كانَ) وقع غريم (ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ) له أي عليكم تأخيره (إِلى مَيْسَرَةٍ) بفتح السين وضمها أي وقت يسر (وَأَنْ تَصَدَّقُوا) بالتشديد على إدغام التاء في الأصل في الصاد وبالتخفيف على حذفها أي تتصدقوا على المعسر بالابراء (خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٢٨٠) أنه خير فافعلوه في الحديث :
____________________________________
ذروا حذفت الواو حملا على حذفها في المضارع. قوله : (لما طالب بعض الصحابة) قيل هو عثمان بن عفان والعباس كانا أسلما رجلا في قدر من التمر ، فلما حل الأجل طالباه فقال لهما إن اعطيتكما الحق بتمامه لم يبق شيء للعيال ، وإنما أعطيكما الآن نصفه والنصف الآخر أخواني به وأزيدكما مثله ، فتراضيا معه على ذلك قبل التحريم ثم حل الأجل فطالباه بذلك فنزلت الآية. إن قلت : كيف يطالبانه بالربا مع علمهما بالنهي السابق قبل التحريم؟ أجيب : بأنهما تأولا ذلك حيث ظنا أنه لا حرمة إلا على من جدد عقدا بعد التحريم. قوله : (فَأْذَنُوا) بالقصر والمد قراءتان سبعيتان ، فعلى القصر معناها أيقنوا وعلى المد معناها أعلموا غيركم بذلك ، وكلام المفسر يحتملهما. قوله : (بِحَرْبٍ) أي حرب الكفار إن استحله أو البغاة إن لم يستحله. قوله : (لا يدي لنا) هكذا بالتثنية وكان مقتضى الفصيح لا يدين إلا أن يقال حذفت النون تخفيفا ، أو يلاحظ إضافته للضمير واللام مقحمة ، وفي نسخة لا بد لنا بالأفراد وهي ظاهرة ، ومعناهما لا طاقة ولا قدرة لنا على محاربته ، وهذا كناية عن كونهم امتثلوا ما أمروا به لورود هذا الوعيد العظيم فيه ، ومن ذلك قول عمر وكان قد صعد المنير : أيها الناس إن آية الربا آخر ما نزل على نبيكم ولو عاش لبين لكم وجوها كثيرة لا تعلمونها فاتقوا الربا والريبة. قوله : (لا تَظْلِمُونَ) (بزيادة) ومن ذلك مهاداة المدين لرب الدين فهو حرام وربا ان لم تكن عادته الهدية قبل شغل الذمة. قوله : (وقع غريم) أشار بذلك إلى أن كان تامة وذو فاعلها وهو الأقرب ، ويصح كونها ناقصة وذو اسمها وخبرها محذوف تقديره غريما لكم. قوله : (ذُو عُسْرَةٍ) أي حيث كان ثابتا عسره بالبينة أو بإقرار صاحب الدين ، وأما من لم يكن عسره ثابتا بأن كان ظاهر الملاء فإنه يحبس حتى يؤدي أو يثبت عسره أو يموت. قوله : (عليكم تأخيره) أي وجوبا وأشار بذلك إلى أن نظرة مبتدأ خبره محذوف. قوله : (في الأصل في الصاد) أي فأصله تتصدقوا قلبت الثانية صادا ثم أدغمت في الصاد. قوله : (على حذفها) أي التاء ، قال ابن مالك :
وما بتاءين ابتدى قد يقتصر |
|
فيه على تا كتبين العبر |
قوله : (بالإبراء) أي وهو مندوب وهو أفضل من الواجب الذي هو الأنظار لأنه انظار وزيادة ، وله نظائر نظمها المفسر بقوله :
الفرض أفضل ما أتى متعبد |
|
حتى ولو قد جاء منه بأكثر |
إلا التطهر قبل وقت وابتدا |
|
بالسلام كذاك أبرأ المعسر |