فاختار من شبابهم سبعين ألفا (فَلَمَّا فَصَلَ) خرج (طالُوتُ بِالْجُنُودِ) من بيت المقدس وكان حرا شديدا وطلبوا منه الماء (قالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ) مختبركم (بِنَهَرٍ) ليظهر المطيع منكم والعاصي وهو بين الأردن وفلسطين (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ) أي من مائه (فَلَيْسَ مِنِّي) أي أتباعي (وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ) يذقه (فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً) بالفتح والضم (بِيَدِهِ) فاكتفى بها ولم يزد عليها فإنه مني (فَشَرِبُوا مِنْهُ) لما وافوا بكثرة (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) فاقتصروا على الغرفة روي أنها كفتهم لشربهم ودوابهم وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر رجلا (فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) وهم الذين اقتصروا على الغرفة (قالُوا) أي الذين شربوا (لا طاقَةَ) قوة (لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) أي بقتالهم وجبنوا ولم يجاوزوه (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ) يوقنون (أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) بالبعث وهم الذين جاوزوه (كَمْ) خبرية بمعنى كثير (مِنْ فِئَةٍ) جماعة (قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) بإرادته (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٢٤٩) بالعون والنصر (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) أي ظهروا لقتالهم
____________________________________
كان لا يأخذ من كان عنده بناء لم يتم ، ومن عقد على زوجة ولم يدخل بها ، ومن كان مشغولا بتجارة. قوله : (سبعين ألفا) (١) وقيل ثمانون ألفا وقيل مائة ألف وعشرون ألفا.
قوله : (فَلَمَّا فَصَلَ) أي انفصل وهو مرتب على محذوف تقديره فجمعهم. قوله : (وهو بين الأردن) بفتح الهمزة وسكون الراء وضم الدال وتشديد النون ، موضع قريب من بيت المقدس ، وقوله : (وفلسطين) بفتح الفاء وكسرها وفتح اللام لا غير ، قال بعضهم إنه قرية ، وقال بعضهم إنه عدة قرى قرب بيت المقدس.
قوله : (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ) أي بكثرة بدليل ما بعده ، وهذا النهر باق يجري إلى الآن بين الخليل وغزة. قوله : (يذقه) أشار بذلك إلى أن الطعم بمعنى الذوقان ، يطلق على المأكول والمشروب. قوله : (بالفتح والضم) قراءتان سبعيتان بمعنى الشيء المغروف ، وقيل بالفتح اسم للاغتراف وبالضم اسم للشيء المغروف ، وقيل بالفتح والضم بمعنى المصدر أشهرها أوسطها. قوله : (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) استثناء من قوله فشربوا منه المقيد بالكثرة ، فالمعنى إلا قليلا شربوا منه بقلة ، فيؤخذ منه أن الجميع شربوا لكن أكثرهم شرب بكثرة ، وأقلهم شرب منه بقلة. قوله : (وبضعة عشر) البضعة من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر ، لكن المراد هنا ثلاثة عشر كما في أكثر الروايات وهم عدة غزوة بدر.
قوله : (فَلَمَّا جاوَزَهُ) أي تعداه. قوله : (وَجُنُودِهِ) قيل عدتهم مائة الف شاكى السلاح وقيل أكثر ، وكان طول جالوت ميلا وخوذته التي على رأسه ثلثمائة رطل. قوله : (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ) استشكل بأن من شرب كثيرا مؤمنون أيضا ، وأجيب بأنهم صلب إيمانهم بكثرة شربهم ، وأجيب أيضا بان المراد يظنون أنهم ملاقوا الله أي بالموت في تلك الواقعة فلا أمل لهم في الحياة. قوله : (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) قيل من كلامهم من كلام الله بشارة لهم ، والمراد معية معنوية خاصة. قوله : (أي ظهروا