(إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (٥٥) من أمر الدين (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا) بالقتل والسبي والجزية (وَالْآخِرَةِ) بالنار (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٥٦) مانعين منه (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ) بالياء والنون (أُجُورَهُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (٥٧) أي يعاقبهم ، روي أن الله أرسل إليه سحابة فرفعته فتعلقت به أمه وبكت فقال لها إن القيامة تجمعنا وكان ذلك ليلة القدر ببيت المقدس وله ثلاث وثلاثون سنة وعاشت أمه بعده ست سنين ، وروي الشيخان حديث «إنه ينزل قرب الساعة ويحكم بشريعة نبينا ويقتل الدجال والخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية» وفي حديث مسلم «إنه يمكث سبع سنين» وفي حديث عند أبي داود الطيالسي «أربعين سنة ويتوفى ويصلى عليه»
____________________________________
المسلمون ، فتظاهرت عليهم الفرقتان الكافرتان فقتلوهم ، فلم يزل الإسلام منطمسا إلى أن بعث محمد. قوله : (يعلونهم بالحجة) أي يغلبونهم بالأدلة. قوله : (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) أي طائفة بعد طائفة. قوله : (ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) خطاب لجميع المخلوقات.
قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ) تفصيل لما يؤول أمر الناس إليه في الآخرة. قوله : (بالقتل والسبي) أي مع الذل والهوان. قوله : (مانعين منه) أي من العذاب. قوله : (بالياء والنون) أي فهما قراءتان سبعيتان. قوله : (فتعلقت به أمه) أعلم أنه بعد رفعه بسبعة أيام قال الله له اهبط إلى مريم ، فإنه لم يبك عليك أحد بكاءها ، ولم يحزن عليك أحد حزنها ، ثم لتجمعن الحواريين فبثهم في الأرض دعاة إلى الله ، فأهبطه الله عزوجل ، فاجتمعت له الحواريون فبثهم في الأرض ، فلما أصبح الحواريون تكلم كل واحد منهم بلغة من أرسله عيسى إليه ، إذا علمت ذلك ، فقوله : (تعلقت به أمه) محمول على هذا الصعود الثاني ، وإلا فالأول لم تعلم به وهي ولا أصحابه. قوله : (وبكت) أي على فراقه. قوله : (وكان ذلك ليلة القدر) إن قلت إن ليلة القدر من خصائص هذه الأمة ، أجيب بأن الذي من خصائص هذه الأمة فضلها من كونها خيرا من الف شهر ، وكونها تنزل فيها الملائكة من الغروب إلى طلوع الفجر ، وكون الدعاء فيها مجابا بعين المطلوب ، فلا ينافي ثبوتها في الأمم السابقة ، لكن لا بهذا الفضل. قوله : (وله ثلاث وثلاثون سنة) أي وعليه فقيل جاءته النبوة من حين الولادة وقيل على رأس الثلاثين ، وبعد هذا فما قاله المفسر ضعيف رجع عنه كما قاله سيدي محمد الزرقاني في شرح المواهب ، والحق الذي اعتمده الاشياخ أنه ما رفع إلا بعد مضي مائة وعشرين سنة ، وجاءته النبوة على رأس الأربعين كغيره ، وعمر أمه حين رفع على الأول ست وأربعون سنة وعاشت بعده ست سنين فيكون عمرها اثنين وخمسين ، وعلى الثاني مائة وتسعة وثلاثين ، واعلم أنه لما رفع كساه الله خلعة النور وسلبه شهوة الطعام والشراب والنوم ، وجعل له ريشا يطير به كالملائكة فهو حكمهم. قوله : (إنه ينزل) أي على منارة بني أمية حين يضايق الدجال المهدي والخلق جميعا ، فيهرعون إلى دمشق الشام وهو محتاط بهم ، فينزل عند إقامة الصلاة ، فيريد المهدي التأخر فيأمره عيسى بالتقدم ، فبعد الصلاة يتوجهون إلى الدجال وهو في بلد ، فإذا رأى عيسى ذاب كالملح فيهزمه الله ، ثم يظهر العدل والصلاح في الأرض. قوله : (ويحكم بشريعة نبينا) إن قلت إن وضع الجزية ليس من شرع نبينا. أجيب بأنه غير أن أخذها مغيى بنزول عيسى كما أخبر بذلك نبينا فوضعها أيضا من شرعنا (قوله سبع سنين) أي فوق الثلاث والثلاثين وهو ضعيف. قوله : (أربعين سنة) قيل من ولادته فيكون مكثه بعد النزول سبع سنين كالرواية